هؤلاء المحتجون بالحسيمة ومناطقها هم نتاج سياسات عمومية وظلم تاريخي تعكسه الصورة العامة لأوضاع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها ..
إنهم خريجو مدرسة عمومية فشلت في استيعابهم ومنحهم جودة التعليم وفتح آفاق رحبة لهم كي تتاح لهم فرص العمل والحياة الكريمة .
إنهم المفتقرون لمناطق وبنيات تنتج مناصب الشغل لمواجهة قساوة العيش ولتحصينهم من الانزلاق في متاهات تجارات غير مشروعة.
هؤلاء المحتجون الذين يتظاهرون هم تعبير عن عجز التأطير السياسي للشباب في استيعابهم .. وإفلاس مؤسسات ثقافية في احتضانهم .
هم نتاج عزلة طالت جيلا وسياسة استهدفت مجالا يتواجد في قلب الريف..
لذلك وهم الذين رزحوا تحت هذا التهميش وجدوا في خطاب يعزف على أوتار هذه الصورة /الواقع فرصة للتعبير عن مطالبهم والجهر بشعارات أو الانسياق وراءها لأنها تختزل جزءا من أوضاعهم.
المقاربة التي اعتمدها المسؤولون منذ بداية هذا “الحراك” كانت خاطئة في تدبير الوقت وفي التواصل مع الرأي العام بشأن ما تم عمله منذ الحادث المأساوي الذي أودى بحياة تاجر الاسماك محسن فكري ..والارتباك الذي حدث خلال الاسبوعين الاخيرين ساهم في تغذية المظاهرات والرفع من وثيرتها . ومن ثغرات هذه المقاربة وهذا الارتباك خطا مؤطرو الحراك أكثر من خطوة الى الأمام : نصبوا أنفسهم الوحيدون الطاهرون ودونهم بيادق ومتواطئون وبلطجيون…الحكومة عصابة والاحزاب والجمعيات مرفوضة …
هنا لابد من القول أن خطابهم هذا مرفوض وسلوكهم مدان لأنه يزج بالمغرب في اللااستقرار .
اليوم بعد التطورات التي حدثت منذ الجمعة الماضي واقدام السلطات على شن حملة اعتقالات واسعة نحن بحاجة الى صوت الحكمة . فالمقاربة الامنية ليست حلا لأنها ببساطة لن تلبي مطالب أو تشق طرقا ومسالك…
اليوم سكان الحسيمة وكل المناطق المتوترة بحاجة الى أن يكون المسؤولون في مستوى مسؤوليتهم كي يؤكدوا أن جرعات الآمال التي تضمنها خطاباتهم هي ذات مصداقية والسياسات التي تم وضعها هي جدية والالتزامات التي عبروا عنها هي حقيقية .وأن “الحسيمة منارة المتوسط “ستضيئ مشاريعها قريبا وفي آجالها المقررة.
ملحوظة : هناك أقاليم تعرف أوضاعا اردأ مما هو عليه إقليم الحسيمة .