تشتغل الفيدرالية الدولية للصحافيين، إلى جانب نقابات الصحافة في العالم العربي، على ملف بالغ الأهمية، يتعلق بمحاولة الحصول على شبه إجماع بين مختلف المكونات السياسية والحقوقية والمنظمات المهتمة بقضايا الإعلام والثقافة، على النضال لاحترام المبادئ الكونية، المعمول بها في مجالات حرية الصحافة.

انطلق المشروع منذ سنة 2011، في اجتماع بالدارالبيضاء، ضم النقابات العربية للصحافيين، وجاء في سياقِ الحركية التي سميت آنذاك، بالربيع العربي، حيث كانت الفكرة المطروحة هي ضرورة اغتنام فرصة تنامي المطالب الديمقراطية، في أغلب البلدان العربية، من أجل التقدم في ملف يعتبر أساسيا في أي تغيير إيجابي.

وقد وُضِعٓ آنذاك برنامج للعمل، يتمحورحول تحقيق تقدم ملموس في القوانين المؤطرة لمجالات الصحافة والإعلام، واقتراح جملة من التدابير والإجراءات، من شأنها توفير الشروط الملائمة لتعزيز مشاركة المواطنات والمواطنين، في القضايا العامة ودعم الحكامة والشفافية، وإشاعة ممارسة حرية التعبير ، التي تلعب فيها الصحافة والإعلام ومختلف الوسائط الرقمية، دورا مهما.

لقد أكدت التطورات التي حصلت في مجموع البلدان العربية، حاجة الناس، للحصول على المعلومات الضرورية، بوسائط احترافية ذات جودة ومصداقية، تكشف ممارسات الفساد، وتعكس النقاش والجدل، الدائر في المجتمع بنزاهة وموضوعية، حتى يُكٓوِنَ المواطنون وجهة نظرهم، في الشؤون العامة التي تهم حياتهم، وحتى يعبروا كذلك عن مطالبهم ومخاوفهم.

بالإضافة إلى مبادئ حرية التعبير وحقوق الإنسان، اعتمد البرنامج أيضا، على ضرورة احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، ومكافحة كافة أشكال التمييز والحض على العنف والكراهية، باعتبارها ممارسات مناقضة للديمقراطية وللحرية.

وقد تواصل الاشتغال في هذا البرنامج، منذ ذلك الحين، من خلال عدة اجتماعات للنقابات العربية للصحافة، في القاهرة وتونس وعمان، وكان آخر اجتماع، هو ذلك الذي نظم في ماي سنة 2016، في الدار البيضاء، والذي اعتُمِدٓت فيه صيغة إعلان لحرية الإعلام، طرحت للتوقيع في كافة البلدان العربية، من طرف الأحزاب والمنظمات الحقوقية والجهات الرسمية، التي من المفترض فيها أن تتقدم في اتجاه احترام مبادئ حرية الصحافة، ودعم مشروع إنشاء آلية عربية، على غرارالآليات المعتمدة في الأمم المتحدة والمنظمات القارية.

وقد أثبتت التحولات الجارية حاليا، خاصة بعد تطور استعمال التكنولوجيات الحديثة، حاجة كل البلدان إلى صحافة ووسائل إعلام مهنية وذات مصداقية، ليس من أجل احترام مبادئ الديمقراطية، فحسب، بل كذلك، من أجل حماية المجتمعات من التضليل والإشاعة وانتشار الأفكار المتطرفة والشعبوية والعنصرية.

 

الجمعة 26 ماي 2017.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…