سمُّوا الانفصاليين وسترون رد أهلنا فيهم !!!
لنفترض أننا غرباء…
وأننا
كسياح مندهشين نمر ، قريبا، من بلاد الشمال ونسأل بكل سذاجة العابرين :
ما الذي يحدث هنا في الحسيمة والنواحي منذ شهور عديدة؟
ولنفترض أن جهاز الدولة – أو بعضا من مكوناتها – يعرف الجواب بعمق، ولديه وسائل إثبات بأن مؤامرة كبيرة في طورها الى إحداث انزلاق جديد للقارات في شرق المتوسط وأحواضه المغربية.…
سيكون من المنطقي أن نسأل كل الذين جاؤوا بلسان من لهب يتحدثون عن الانفصال والتمويل خارجي :أين برهانكم ؟
هل نكتفي وقتها باتهامات ، أغلبها شفوية..
والحال أن عبارات مبنية للمجهول لا تصنع خطابا سياسيا مقنعا
ولا حتى قادرا على التهويل..
فالبناء للمجهول ، ليس عملا سياسيا ..
لنكن واضحين ولنذكر ببدهيات، هي ما نملكه اليوم من عناصر في التحليل :
عندما يخرج بعض كلامنا لتخوين الناس ، ويلقي عليهم ،بألسنة من حداد، تفاصيل مؤامرة تلتقي فيها النزعة الانفصالية، والتمويل الخارجي والخصوم التاريخيون والجغرافيون لبلادنا، لايمكن أن نعفي القلب والعقل من طرح السؤال المباشر:الا يستحق احترام الرأي العام اطلاعه على ما توفر لدى الجهات السياسية المعنية، التي تبارت في الحديث عن أشباح الانفصال ، من قرائن ومن دلائل وحجج؟
ثم نجيب بسرعة ولا ننتظر ، من شدة إيماننا الوطني:
أعلنوا الانفصاليين واتركوهم مع أهالينا في الريف وسترون : الرد الريفي على أراجيف الانفصال الخرافي..
أعلنوا مبالغ المال ومن قبضها وأين… بحجج لا يرقى إليها شك وسترون ما سيفعله فقراء الريف قبل أغنيائه مع الذين يتلقون مالا حراما لتركيع الوطن.. وترون الرد الوطني في الريف..
لنقلها بصراحة الوطنيين بينهم :
لم يكن هناك أي اجتهاد في التضخيم!!!
التهمة توجد قبل من أطلقها، ومن حسن الحظ أن عددهم محدود الآن بعد البلاغ الثاني للأغلبية الذي كان واضحا في المعالجة وفي المقاربة : توجد التهمة قبلهم
في الجغرافيا الصعبة
وفي التاريخ الحارق
وبينهما أي في التاريخ الجغرافي للجراح !
يكفي أن تضع خارطة المغرب بين يديك
وأمام عينيك لكي ترى بأنه ليس هناك جهة من جهاته لا تطرح عليه أسئلة حارقة …
وأنه جزيرة وسط ما اختاره لنا تلاقح الجغرافيا والسياسة والاستراتيجية والتاريخ الطويل لحوض المتوسط شرق الشرق …
في الشمال:أرض سليبة ، جيران الاندلس القديمة ليسوا دوما جيرانا طيبين في كل ما يهمنا..
وفي الجنوب، مشكلة افتعلها جيران اختاروا العداء كخط في الجوار…
حتى الشرق ، ما زالت حدوده مغلقة، لأن الجارالشرقي أراد لنا أن يظل ، شرقنا وجنوبنا رهن خارطته …
الغرب، يصبح المحيط الاطلسي أحيانا ظلا للحراب، كلما تعلق الامر بالصيد البحري، وبالاتحاد الاوروبي ومعاركنا مع لوبيات الانفصال..
ليس هناك منطقة لنا ليست رهينة معادلة صعبة، وربما قد يتبادر الى ذهن الخصم أن يتصور :لن يستطيع المغرب أن يضيف توترا جديدا..
لن نعدم من يفكر، من الأعداء ومن المغامرين ممن يعتقد بأن المغرب سيكون عاجزا عن مواجهة أكثر من توترين في الوقت ذاته،
لهذا سيكون «ضعيفا» ويميل إلى ردود الفعل الصعبة..
لكن لنفوت الفرصة ونفتح الباب واسعا للمنطق المتحكم في الاحداث، المنطق الذي نتحكم فيه ونستطيع الدفاع عنه وتوجيهه ، لا المنطق الذي يخرج بنا عن معادلاتنا الى معادلات مفترضة للآخرين..
لهذا يستحق المغاربة أن يعرفوا تفاصيل التهم ودلائلها،
بالواضح لا بالتعميم..
2- كيف سيغيب عن الجهاز التنفيذي أن الريف يخاطبه هو…
ويضع مشكلاته بين يديه هو،
فلم يتوجه الى أي جهة غير الجهات الشرعية
والتي تملك شرعية العنف كما تملك شرعية التهدئة..
وأن المطلوب في الحكومة، هو أن تكرس هذا اللجوء إليها، عوض أن تبحث عن .. بديل لها هي نفسها!
وتبحث عن تصعيد أمني أو سياسي لن يكون في خدمة أحد..
كما هو مطلوب أن تبحث عن فعالية في الوسائط السياسية المتعارف عليها، والقادرة على التجاوب مع مطالب الناس والقادرة على التأثير فيهم ، فالشارع ليس حزبا
وليس وسيطا
وليس هيئة: الشارع تعبير حر عن ملفات عالقة، كما هو محيط متلاطم من التيارات يربط بينها، الى حدود الناس اليوم، ملف مطلبي موضوع على جدول أعمال الدولة المغربية وليس غيرها..
كما أن الحراك الاجتماعي لا يميل إلى أن يثقب سقف المطالب الاجتماعية بالاستحالة السياسية، وليس من حق نشطاء الشباب في المغرب، كله أن يدفعوا الى استحالة الحل بإنكار دور الدولة في تدبير المشاكل وإيجاد الحلول ، عبر جدولة زمنية معقولة وبالوسائل المتاحة..
3- لا ننسى أن السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، هو نفسه عبر مرة عن حل الحكم الذاتي، في وقت لم يطرحه أحد ، بل كان سباقا إلى افتراض قرابة الريف والصحراء في معالجة التفاوت المجالي بالحكم الذاتي …مع ما بين المنطقتين من فارق لا يستقيم معه القياس، فالريف لم يدخل أبدا معادلة الأمم المتحدة، ولا الجدولة الدولية للمشاكل المعروضة على مجلس الامن ولا غيرها..
ومع ذلك تم اعتبار الكلام من باب الاجتهاد الطيب، الذي يسير نحو تغيير طبيعة الدولة المركزية ، وطبيعة المأْسَسَة المجالية لها..
فلا أحد سيتهم رئيس حكومتنا بأنه كان ينوي تهيئة شروط الانفصال!
4- يهمني ألا أنسى أن الخطاب الأكثر قوة في التنبيه الى من يتربص بوحدتنا هو ما قاله جلالة الملك في الرياض، بمناسبة قمة الخليج، وفيه حديث واضح عن القوى التي تشتغل على ملف الوحدة الترابية للمغرب، والأحابيل التي توضع في وجه… الصحراء المغربية
.
وقتها لم يتردد ملك البلاد، ورئيس دولتها والضامن لوحدتها والقائد الأعلى لقواتها المسلحة في تسمية الاشياء بمسمياتها.. بكل مسؤولية تاريخية وبلا لف ولا دوران، وهو الخطاب المرجعي الى حد الساعة في كل ما يتعلق بتدبير أطروحات الانفصال وعلاقة الدول العظمى بذلك.. لقد قال الملك :«إن المخططات العدوانية، التي تستهدف المس باستقرارنا، متواصلة ولن تتوقف. فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه. وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية لبلدكم الثاني المغرب.
وهذا ليس جديدا . فخصوم المغرب يستعملون كل الوسائل، المباشرة وغير المباشرة في مناوراتهم المكشوفة.
فهم يحاولون حسب الظروف، إما نزع الشرعية عن تواجد المغرب في صحرائه، أو تعزيز خيار الاستقلال وأطروحة الانفصال، أو إضعاف مبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها.
ومع التمادي في المؤامرات، أصبح شهر أبريل، الذي يصادف اجتماعات مجلس الأمن حول قضية الصحراء، فزاعة ترفع أمام المغرب، وأداة لمحاولة الضغط عليه أحيانا ، ولابتزازه أحيانا أخرى .
»
رجاء فأي تغيير لا بأس من إشعارنا به …
والى حين ذلك، أقول مرة أخرى :عبد الكريم الخطابي بطل مغربي ، وليس فزاعة انفصالية..!