من قال أن المغرب أصبح قنطرة عبور للضفة الشمالية فقد كان محقا في كلامه ،ومن اعتبر المغرب قد أصبح دركي لوقف الزحف الإفريقي نحو أروبا عبر بوابة الثغور الإسبانية آخر المستعمرات في المغرب ،والتي لا نعرف متى نطالب بإنهاء احتلالهما ،فقد كان على صواب كذلك .

معاناة الجنوب إفريقيين في المغرب كبيرة ،فهم أصبحوا يحتلون شوارع مدن الشمال والشرق ،،يتسولون ،وفِي بعض الأحيان يهاجمون المحلات التجارية في غفلة من الأمن ،ويعتدون على أصحابها ،ويسلبون أصحابها أموالهم وقد انتشرت العديد من الأشرطة في المواقع الإجتماعية توثق لجرائمهم ،بل احتلوا مساكن في طنجة وعبثوا بمحتوياتها في تحد سافر للقوانين المغربية الأفارقة الذين حلوا بالمغرب ،ليس ولعا وحب بأهله ،بل طمعا في الإنتقال لأوربا وهم لا يدركون حجم المشاكل الإقتصادية التي تعرفها غالبية الدول الأروبية ،ومحاولاتهم الهجرة السرية عبر قوارب الموت نجم عنها ،سقوط ضحايا بالآلاف .

وعودة للقاء الوزير مع منظمات المجتمع المدني واستمرارا للسياسة التي بدأها سابقه تزامنا مع العودة القوية للمغرب في إفريقيا وتسوية وضعية العديد من الأفارقة ،والتي قد تخدم مصالح المغرب لدى الاتحاد الأروبي وتلمع صورة المغرب لدى شركائه الأفارقة ،فإن مشكل الهجرة ظاهرة عجزت عن تدبيرها حتى الدول الكبرى الولايات المتحدة مع المكسيك ،ألمانيا وغالبية الدول الأروبية بعد موجات نزوح اللاجئين السوريين هربا من جحيم سوريا والعراق فإذا فشلت لحد الساعة الدول الكبرى في تدبير ملف الهجرة وبإمكانيات كبيرة فهل نحن قادرون على استيعاب المزيد من الأفارقة في المغرب؟ ،

هل نستطيع توفير ظروف الإقامة والعيش بكرامة في الوقت الذي يعاني نسبة كبيرة من المغاربة في العديد من المناطق ،من الفقر المدقع ،ومن غياب المرافق التي يحتاجها المواطن من مستشفيات ومدارس تستوعب الأطفال بعيدا عن الإكتضاظ والهدر المدرسي؟ ،

هل الحكومة قادرة على توفير فرص الشغل للمعطلين الذين يحتجون في شوارع الرباط يوميا ،هل مؤسسات الهجرة استطاعت التجاوب مع مطالب وانتظارات مغاربة العالم والذين تجاوز عددهم الخمسة ملايين ،؟

هل التفت المسؤولون المغاربة في الخارجية وفِي المؤسسات المكلفة بالهجرة لمعاناة مغاربة العالم في العديد من الدول ،ومن جملتها ليبيا وبعض الدول الإفريقية ودوّل الخليج ؟.

هل الوزير المنتدب على صواب في الإستمرار في نفس السياسة دون تقييم نتائجها خلال السنوات التي خلت؟

هل منظمات المجتمع المدني التي تشتغل على ملف الهجرة في المغرب والتي جمعها السيد الوزير تمتلك الإمكانات المادية التي تمكنها من تقديم خدمات ،تحفظ كرامة الأفارقة في المغرب؟ ،

وهل ميزانية الوزارة كافية لتدبير الملفات الكبرى لمغاربة العالم ،أم لدعم الأفارقة الذين تمت تسوية وضعيتهم ،من خلال توفير كل الإلتزامات التي تضمن الكرامة؟ ،

أسئلة يطرحها العديد من الفعاليات بالخارج ،والذين يعتبرون استمرار تجاهل مطالبهم رغم أنهم يشكلون أكبر داعم للإقتصاد الوطني من خلال التحويلات التي تجاوزت السبع مليارات دولار سنويا ، غير مقبول ولا يمكن السكوت عنه ،بل يطالبون القطع مع السياسة التي نهجتها الحكومة السابقة في مجال تدبير ملف الهجرة نعم لتوجه المغرب لإفريقيا في إطار سياسية رابح رابح في علاقته مع الدول الإفريقية وخدمة للقضية الوطنية ولكن من غير المقبول إعطاء أسبقية لهجرة الأفارقة ،وتسوية أوضاعهم في المغرب ،وإهمال تام لمطالب مغاربة العالم رغم النضالات المريرة التي خاضوها منذ سنوات من أجل تفعيل فصول الدستور المتعلقة بالمشاركة السياسية وإشراكهم في تدبير الشأن العام في المغرب وتحقيق المواطنة الكاملة من هنا يجب أن يدرك السيد الوزير أننا لسنا ضد دعم العلاقات المغربية الإفريقية من خلال تسوية وضعية الأفارقة بالمغرب ،ولكن نريد التفاتة لمغاربة العالم من خلال سياسة واضحة تختلف عن السياسة التي نهجها الوزير السابق والتي نجم عنها إلغاء اتفاقية الضمان الإجتماعي الموقعة مع هولندا وعرفت مدة تدبيره نكسة وتراجع في حقوق ومكتسبات ناضل من أجلها مغاربة العالم في مجالات عدة ،بل وقع الوزير السابق العديد من الاتفاقيات مع مؤسسات مغربية كالبنك الشعبي والخطوط المغربية ولكنها لم تفعل بتاتا جدية الوزير في خدمة مصالح مغاربة العالم والذين لن يقتنعوا بالخطاب الموجه للإعلام ولكن من خلال سياسة القرب والتواصل مع الفعاليات المغربية في الهجرة ،فإذا كانت له قناعة بالدور الذي يمكن أن تلعبه جمعيات المجتمع المدني بالداخل فنظيرتها بالخارج ، تمتلك من النضج والمشاريع ما يمكنها من تحقيق تطلعات الخمسة ملايين مغربي ،والقادرة كذلك عَلى المساهمة في التنمية.

 

  كوبنهاكن في 12/ماي /2017

‫شاهد أيضًا‬

مؤتمر جامعة هارفرد لنموذج الأمم المتحدة يستقبل تلاميذ مغاربة

يمثل تلاميذ الثانوي التأهيلي لمدارس أنيس الدولية – المديرية الإقليمية عين السبع بالد…