للصحافة يومها العالمي يحل يومه الأربعاء اقترحته منظمة اليونسكو سنة 1991 في إطار ندوات دولية من أجل وسائل إعلام مستقلة وحرة، قائمة على التعددية في جميع أنحاء العالم، معتبرة أن الصحافة الحرة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان.
الاقتراح اعتمدته الأمم المتحدة في 1993 . ومن سنتها، يتم الاحتفاء بالمناسبة كمحطة للتقييم ولرسم خرائط الانتهاكات والانتكاسات والتطور والتقدم الذي تعرفه حرية الرأي والتعبير وحالة صاحبة الجلالة التي تحمل لقب السلطة الرابعة.
هذه السنة، اختارت اليونسكو شعارا لهذا اليوم هو : «عقول نيّرة في أزمنة صعبة: دور وسائل الإعلام في بناء وتعزيز مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة للجميع» .وحطت رحالها بمدينة جاكرتا الاندونيسية في فاتح ماي لعقد مؤتمر دولي تنتهي أشغاله غدا وتتمحور فعالياته حول هدف عام هو زيادة الوعي بأهميّة الصحافة الحرّة والصادقة في تعزيز السلام والعدل ودعم وتعزيز فعالية المؤسسات وروح المساءلة وشموليّتها وذلك في ما يتوافق مع الهدف التنموي السادس عشر الذي أقرته خطة التنمية المستدامة 2030.
في المغرب، وفي عشية اليوم العالمي، جاء وضع بلادنا ضمن الدول التي لاتتوفر فيها حرية الصحافة على الإطلاق برتبة 143 . وقد خلف هذا التصنيف جدلا في الأوساط الحقوقية والمهنية والحكومية، خصوصا وأن دولا تنتهك فيها هذه الحرية، وتشهد اعتقال الصحفيين، تم ترتيبها في وضع أحسن من الذي حازه المغرب.
لكن هناك بعض النقط نود أن نسجلها في جدول أعمال اليوم العالمي للصحافة :
أولا، هناك على مستوى التشريع بالرغم من أن قانون الصحافة والنشر تم تطهيره من العقوبات السالبة للحرية، فإن القانون الجنائي طالته تعديلات تسلب هذه الحرية، إذ نحن أمام نصين قانونيين متعارضين من حيث العقوبة على نفس الأفعال. وهنا، لابد أن نطرح مطلب اعتماد قانون الصحافة والنشر وحده، وبالتالي إلغاء التعديلات التي تضمنت عقوبات حبسية.
أضف إلى ذلك، ضرورة الإسراع بإخراج قانون الحق في الحصول على المعلومات إلى حيز الوجود، وأن يكون قانونا منسجما مع المعايير الدولية والممارسات الفضلى.
ثانيا،ضرورة رفع التحكم الذي يطال الإعلام العمومي، وجعله إعلاما مهنيا متحررا من ثقل الرقابة الجاثمة على صدره، وفسح المجال للعنصر البشري المشتغل به، كي يقدم منتوجا إعلاميا ذا مصداقية في إطارالتعددية السياسية والثقافية واللغوية . وما الحركات الاحتجاجية التي يشهدها القطب العمومي في الآونة الأخيرة إلا تأكيد على ضرورة هذا التحرر .
ثالثا ، يشهد الجسم الصحفي ظواهر سلبية عديدة أبرزها انتهاكات أخلاقيات المهنة . اليوم، هناك منابر تضرب عرض الحائط بقرينة البراءة والحق في الصورة والاعتداء على الحياة الشخصية … وهناك منابر تنشر الدجل والشعوذة، وتفتح المجال لأشخاص ينتحلون صفات ومهنا ينظمها القانون …منابرُ، تعرف منزلقات يوميا، تهين الكرامة البشرية، وتستعمل معجما لاعلاقة له بحقوق الإنسان …منابرُ، تصطنع أخبارا لاحقيقة لها ولا مصداقية، وتنشرها عمدا لغايات سياسية، وخدمةً لأجندات معينة…تفبرك روايات وتنسج قصصا لتغذية صراعات أو تهديد بنيان مؤسسات …
رابعا، هناك امتهان لكرامة الصحافي وللعاملين بالقطاع من طرف منابر عدة سواء بالنسبة للأجور أو ظروف العمل أو احترام الالتزامات التي يقرها القانون.فلابد من إنصاف المهنيين سواء في القطاع العام أو الخاص والاستجابة لملفاتهم المطلبية .
هذه بعض النقط، التي وجب إثارتها في هذا اليوم العالمي، من أجل أن نوفر لمجتمعنا صحافة وإعلاما حرا ذا مصداقية، شريكا في التنمية والبناء الديمقراطي وحقوق الإنسان.