هل يمكن الجزم بأن المهمة التاريخية لدى العرب اليوم هي حماية الدولة الوطنية؟ كما صرح بذلك أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، في افتتاح فعاليات منتدى الإعلام العربي، المنظم في دبي، يومي فاتح وثاني مايو، تحت شعار «حوار الحضارات».
تلك أسئلة مستوحاة من تصريحات أبو الغيط في هذه الجلسة الافتتاحية، التي حضرها كبار المسؤولين في دولة الإمارات، وعدد هام من مديري وسائل الإعلام العربية والدولية، والصحافيون والمثقفون، حيث كان السؤال الكبير المطروح، ما دور الجامعة العربية؟
يعتبر أمين عام هذه الجامعة أن واقع هذه الهيئة، ما هو إلا انعكاس لما تعيشه المنطقة، مؤكدا أنها تمر بأحلك فترات تاريخها، بعد الاستعمار، وأنها ما زالت تعاني من التدخلات الأجنبية، لأنها تمنح فرصاً لهذا التدخل، فهي جسم يفتقد للمناعة، وهو ما يعمق أزماته. والنتيجة، حسب أبو الغيط، هي أن هناك دولا في الجوار، تفرح لما يحصل في العالم العربي، لأنها تستفيد من ذلك في تكريس سياستها ونفوذها، مثل إسرائيل وتركيا وإيران.
وفي معرض تشخيصه للوضع، تحدث عما يحصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا…كنموذج لمخاطر التقسيم وانفجار الدول، بسبب التجاذبات الطائفية والمذهبية، مسجلاً أيضا أن المنطقة العربية تتعرض للتدخل الأجنبي والغزو وللاحتلال، مما يعرض الدولة الوطنية لأزمات متوالية.
غير أن ما يمكن تسجيله في هذا التحليل، هو غياب معطيات أخرى، ضرورية في التشخيص، ذكرها أبو الغيط، لكنه لم يعمقها، رغم أنها حاسمة في إدراك الوضع، وهي مشكل المناعة تجاه التدخل الأجنبي، لأن التجاذبات الإثنية والطائفية والمذهبية، بل السياسية/الإيديولوجية، قائمة في عدد كبير من مناطق العالم، ومحاولات التدخل الخارجي، موجودة أيضاً، لكنها لا تنجح، في الاختراق كما يحصل في المنطقة العربية.
هناك عامل حاسم، من الضروري استحضاره، ويتعلق بتعامل أنظمة مع الأجنبي وتهيييء الظروف المواتية لتدخله، بمختلف الأشكال، وهو ما يفسر نجاح هذه التدخلات، سواء في الخليج والشرق الأوسط والمنطقة المغاربية. ومن المؤكد أن أمين عام الجامعية العربية، لا يمكنه أن يتجاوز، في تشخيصه وتحليله، السقف المرسوم من مجموع الدول الأعضاء، لكن هذا لا يمنع من السؤال المشروع، ما دور هذه الجامعة إذا كانت غير قادرة على وضع اليد على الجرح الحقيقي، وأصل الداء، الذي يهدد الدولة الوطنية بالحروب الأهلية والمذهبية وبمخططات التقسيم والتجزئة، بتواطؤ أنظمة معروفة.