لم تجد الجزائر والبوليساريو من صيغة للتعامل مع القرار الجديد الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي في نهاية الأسبوع المتعلق بقضية الصحراء سوى تأويل مضامينه وليّ عنق بعض فقراته، كي تنسجم مع مواقف الانفصال ونوايا الهيمنة. فالقرار، الذي تم تمت المصادقة عليه بإجماع أعضاء المجلس الخمسة عشر، لم يتبن أياً من انتظارات هذين الطرفين، ولم تجر رياحه بما تشتهي سفنهما الدعائية والدبلوماسية. لقد كانت هناك تسع صيغ تولّد عنها القرار الجديد، صمدت كلها في وجه تعديلات قدمتها دول تقف في وجه الحقوق التاريخية للمغرب.
فالقرار خطا خطوة مهمة تساند المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، الذي تم تقديمه منذ عقد من الزمن، وهو المقترح الذي اعتبرته جميع القرارات جديا وواقعيا وذا مصداقية ، كما أنه أغلق قوس المناورة الجزائرية وحلفائها، والتي سعت إلى توسيع صلاحيات المينورسو لتصبح آلية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان .
والقرار، بالرغم من أن دولا مثل روسيا كانت تحرص على التعامل معه بنظارات صفقات الأسلحة مع الجزائر، فإنه حقق هزيمة للبوليساريو، التي انسحبت دون قيد أو شرط منشريط الكركرات، بعد أن كانت الصيغة الثامنة للقرار تتضمن فقرة ذات حمولة إدانة وتمهلها 30 يوما للانسحاب.
الدبلوماسية الجزائرية، التي اعتبرت على لسان وزير خارجيتها، أن القرار « نجاح دبلوماسي للقضية الصحراوية»، فشلت –إذن- في وضع بصماتها على القرار ، فيما لم تجد صنيعتها من مناورة لغوية لتغطية هزيمتها سوى تسمية الانسحاب ب»إعادة الانتشار» والتهجم على ما أسمته بـ «أطراف معروفة بالقفز على الطبيعة القانونية للنزاع». أما إعلام الأجهزة المخابراتية بالجزائر، فأوّل بشكل فاضح مضامين القرار.
لكن بالرغم من هذا الحصاد الدبلوماسي، لابد من التأكيد على ثلاث نقط رئيسية:
الأولى أن المفاوضات التي يدعو إليها قرار مجلس الأمن بدينامية جديدة من أجل التوصل إلى حل سياسي يجب أن يكون إطارها وأرضيتها المقترح المغربي. لقد أجمعت القوى الوطنية ببلادنا على أن هذا هو السقف، سقف أي مفاوضات، خاصة وأنه طيلة العشر سنوات من تقديم المغرب لصيغة الحكم الذاتي الموسع، حرصت الأمم المتحدة وتقارير أمنائها العامين وعواصم العالم المؤثرة على اعتباره مقترحا جديا وذا مصداقية .
ثانيا ، هناك الانتهاك الفاضح للانفصاليين للاتفاقات التي تم التوقيع عليها قبل خمس وعشرين سنة، وهو تواجدهم المسلح وبناؤهم لمنشآت وقيامهم بأنشطة وتحركات بالمناطق الشرقية المتواجدة بين الجدار الرملي والحدود الجزائرية . وهو وضع جاء نتيجة تقاعس المينورسو في مهامها، إذ تحت أنظارها، وبمساعدة الجزائر، تم هذا التواجد.. وهو تواجد يجب أن ينتهي، لأنه يشكل استفزازا ليس بالنسبة للمغرب فحسب، ولكن أيضا للسلم الإقليمي بالمنطقة.
ثالث النقط، هو ضرورة القيام بإحصاء دقيق بمخيمات تندوف، لمعرفة العدد الحقيقي للمنتمين بالفعل للأقاليم الصحراوية، حتى لاتستمر المتاجرة بمعاناتهم من طرف الانفصاليين وبالمساعدات التي تقدمها دول ومنظمات …
الاثنين 01 ماي 2017.