تستعد الشغيلة المغربية شأنها شأن نظيراتها في مختلف بقاع المعمور للاحتفال بفاتح ماي عيدها السنوي ولحظة أساسية في مسار محطاتها النضالية من أجل صيانة حقوقها وتحصين مكتسباتها وتحقيق مطالبها .
يوم فاتح ماي بالإضافة إلى أنه فرصة للشغيلة عبر منظماتها النقابية كي تعبر عن واقع أوضاعها وآفاق طموحاتها فهو كذلك مدرسة مهمة ذات أبعاد تكوينية مهمة، إذ تتحول المقرات النقابية إلى أوراش مفتوحة للنقاش، وتعميق الوعي، ورفع القدرات والإبداع، يتوج ذلك بالاستعراض الذي يحمل معه دلالات متعددة، أبرزها أن الشغيلة مهما كانت طبيعتها ذكورا أو إناثا، ومهما كانت مواقع عملها قطاعا عاما أو خاصا يدويا أو مكتبيا أطرا أو عمالا… فالمعركة واحدة، هي العمل في ظروف تتوفر فيها شروط الكرامة البشرية معنويا وماديا.
فاتح ماي المغربي لهذه السنة، يصادف الأيام الأولى لعمل حكومة طال انتظارها نصف سنة وغداة تقديم برنامجها الحكومي الذي تضمن التزامات ووعود . ونسجل هناالأهمية التي أولاها السيد رئيس الحكومة في الفترة مابين تعيين الحكومة من طرف جلالة الملك، وتقديم البرنامج أمام البرلمان، والمتمثلة في استقباله للمركزيات النقابية.
وقد سجل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب في مداخلة رئيسه أثناء المناقشة أن» المبادرة إلى العودة لمأسسة الحوار الاجتماعي والاتصال بالفاعلين النقابيين لمؤشر إيجابي لطبيعة العلاقات التي ستسود في المرحلة المقبلة».
فهناك أمام هذه الحكومة تحديات كبرى، أبرزها أن يكون للحوار إطار ذو مصداقية وجدية، أي أن تفي الحكومة الوزارات والادارات والمؤسسات والمقاولات في القطاعين العام أو الخاص بالالتزامات دون التهرب منها أو التحايل في إعمالها . وثاني التحديات هو تحسين ظروف عمل الشغيلة في جميع المواقع، فهناك قطاعات لاتتوفر على شروط الأمن والسلامة مما يعرض العاملين بها إلى مخاطر جمة منها حقهم في الحياة ..وهناك الأوضاع المادية المزرية ، بحيث إن السمة الغالبة هي التوقف شبه الكلي لمسلسل الزيادات في الأجور والتعويضات.ومن التحديات، وضع حد لتسيب أرباب عمل في إغلاق مقاولاتهم تعسفا أو تسريحهم للشغيلة تسيبا أو استعبادهم للعاملين قهرا وظلما …ومن التحديات، هناك الإصلاحات الضرورية والمنصفة للعديد من المؤسسات والمجالات من بينها نظام التقاعد الذي كان أحد أبرز النقاط الخلافية مع المقاربة التي اعتمدتها الحكومة السابقة .
لقد عرفت الخمس سنوات الأخيرة إصرار الحكومة على التراجع عن المكتسبات التي حققتها الشغيلة عبر معاركها النضالية، لذلك تبرز هنا ضرورة وقف هذا المنحى، الذي أجهز على حقوق وتنصل من التزامات، وتعنت في الحوار … لذلك معركة اليوم، والتي ستحضر بقوة أثناء فاتح ماي هي وقف مسلسل التراجعات، وتحصين المكتسبات ومأسسة الحوار، والكف عن الزيادات التي مست الأسعار والضرائب، وقوضت القدرة الشرائية للمغاربة…
نتمنى صادقين أن تتدارك هذه الحكومة أعطاب الحكومة السالفة، وتعالج الاختلالات التي حصلت، وتضع نصب أعينها ضرورة إنصاف الشغيلة معنويا وماديا لا الاستمرار في الإجهاز على مكتسباتها، وانتهاك حقوقها.