تبدأ الدورة البرلمانية الثانية، اليوم، بعد أن تَشٓكّلٓتِ الحكومة، في أجواء يسودها ترَقّب لما سيسفر عنه العمل المشترك، لصياغة برنامج متوافق بشأنه، بالإضافة إلى ما يمكن أن يحدث من تطورات داخل الفرق البرلمانية، وكيفية اصطفافها في الأغلبية والمعارضة، وأسلوب تعاملها مع الحكومة، إلى غير ذلك من الاحتمالات، التي سوف تكشف عنها الأيام القادمة.
غير أن الأهم كذلك، في كل هذه الانتظارات، هو كيف سيكون تعامل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، مع المؤسسة التشريعية، التي خصص لها الدستور صلاحياتٍ وأدوارا كبيرة، رغم ما حصل لها من تبخيس في الولاية البرلمانية السابقة، لذلك من اللازم، من أجل احترام نص الدستور وروحه، وتطوير التقاليد والأعراف الديمقراطية، أن يصبح البرلمان، محوريا في الحياة السياسية.
وقد أكدت الأحداث، التي شهدتها، بلادنا في الأشهر الأخيرة، بعد الانتخابات التشريعية، الحاجة إلى برلمان قوي وفاعل، وليس ملحقة للحكومة، لذلك كان من الضروري، انتخاب رئاسة مجلس النواب، قبل تشكيل الأغلبية الحكومية، لأن للبرلمان أدوارا متعددة، غير التصويت على الميزانية والقوانين ومراقبة الحكومة…
وسيكون على سعد الدين العثماني، أن يٓمْحُوٓ تلك الصورة السلبية، التي سادت في الولاية السابقة، والتي حاولت أن تجعل من البرلمان، مجرد منصة خطابية، وفرصة للتلاسن والتنكيت والتهجم على الخصوم السياسيين، نساءً ورجالا، وتأويل الصلاحيات والإجراءات، في اتجاه تهميش المؤسسة التشريعية، كلما أتيحت الفرصة لذلك.
ففي كل الديمقراطيات، تحتل المؤسسة التشريعية، مكانة رفيعة، لتكون فضاء للجدل السياسي المتميز، وتلعب دورا حقيقيا في مراقبة الحكومة، والمؤسسات العمومية، سواء عن طريق الأسئلة الموجهة للوزراء، أو داخل اللجان، أو عن طريق آليات التحقيق والتقصي، وإنجاز التقارير، كما تقوم بأدوار هامة، في السياسة الخارجية لبلدانها، بشكل يجعلها أساسية في التحركات الديبلوماسية، وتحضير الظروف المواتية وتذليل الصعاب، للحكومات.
ويمكن القول، إن ما حصل خلال الولاية السابقة، ينبغي أن يخضع للتقييم، حتى لا تتكرر نفس الأخطاء والسلبيات، التي من الممكن حصرها وتحليل أسبابها، لتجاوزها، لأن الديمقراطية في المغرب، في حاجة إلى برلمان فاعل ومتجاوب مع متطلبات التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ليكتسب شرعية أقوى، من شرعية الانتخابات.