من المعروف أن عددا كبيرٍاً من الفئات كانت تُعٓبّرُ، بمختلف الطرق، عن انتظاراتها، قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، رغم أن أغلبها غير مسجل في اللوائح الانتخابية، أو أنها لم تشارك في الانتخابات، لكن التعبيرات المتنوعة والمتعددة، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في النقابات أو منظمات المجتمع المدني، كانت تؤكد أن هناك اهتماماً بالشأن العام، وأن الناس تنتظر تغيير أوضاعها وإصلاحها.
غير أن قرابة نصف سنة التي ضاعت من الأداء الحكومي، رغم وجود حكومة تصريف أعمال، ومؤسسات وإدارات واصلت خدمتها للمرفق العام، إلا أن فترة التأخر أثرت حتما على إيقاع العمل الذي يجب إنجازه، مما يفرض رفع وتيرة الإيقاع، ليس على مستوى الوزارات، فقط، بل على مختلف المستويات.
المستوى الأول، يفرضه حجم الملفات التي تنتظر الحكومة، وهي كبيرة، سواء ما يتعلق بملف التعليم وتطوير الاقتصاد والمشاكل الاجتماعية والفقر والتهميش والشغل والصحة وإصلاح الإدارة… وغيرها من المشاكل التي يعرفها أبسط مواطن. حجم ونوعية هذه التحديات، تتطلب إيقاعا مختلفاً عن الإيقاع الذي ساد الحكومة السابقة.
المستوى الثاني، يفرضه المحيط الإقليمي والقاري، الذي يتميز بتغييرات شاملة، قلبت كل المعايير، حيث انهارت دول، وحصلت تحولات كثيرة في دول أخرى، كما تغيرت التقاطبات القديمة، وظهرت تحديات جديدة، مثل الهجرة الواسعة والإرهاب والمواجهات الطائفية والإثنية والإيديولوجية.
المستوى الثالث يتميز ، بالتأثيرات السلبية للعولمة، مثل ازدياد الفوارق الطبقية وإضعاف الاقتصاديات الوطنية وتغليب كفة الرأسمالية المتوحشة، مع تطور إشكالات الانتماء والثقافات، الأمر الذي أدى إلى بروز مطالب حادة لإثبات الهوية وازدهار التيارات الشعبوية.
كل هذه المعطيات تتطلب رفع وتيرة الإيقاع، في أداء الحكومة والدولة، لأن الانتظارات والتحديات والخصاص كبير، و تأثيره على حياة الناس وأوضاع البلاد مباشرة وقوية. غير أن الإكراهات هي جزء من السياسة، لذلك تتطلب منهجية إرادوية، لتجاوزها، خاصة لمحو ميراث تجربة حكومية، منذ سنة 2011، أثبتت أن هناك عدة عوامل، جعلتها تعجز عن رفع وتيرة الإيقاع، فرهنت نفسها في جدل فارغ، لا يستحضر طبيعة الملفات الكبرى، المطروحة على البلاد بِرُمّتها بغض النظر عن موقع أي طرف.