أخذت الأخبار الكاذبة بُعداً كبيراً وخطيراً، في الجرائد الإلكترونية وفي وسائل التواصل الاجتماعي، في عدد من البلدان، حيث تحولت إلى مهنة، هدفها نشر حكايات وقصص وإشاعات، متخٓيّلة، بشكل احترافي ومنظم، إما في الدعاية السياسية، أو في رفع عدد الزوار، لأهداف تجارية بحتة.
انتشار الظاهرة وتطورها أصبح يهدد الديمقراطية، خاصة وأن الجهات التي تستعملها في مجال السياسة تنتمي لليمين المتطرف العنصري، وللجماعات الشعبوية.
ولمواجهة هذا الوضع، في بلد مثل بريطانيا، تمّ خٓلْقُ لجنة في البرلمان، لتقديم مشاريع من أجل مواجهة الأخبار الكاذبة، كما أن المؤسسة المشرفة على الفيسبوك، إلى جانب هيئات أخرى، قررت تخصيص ميزانية للقيام بدراسة حول كيفية محاربة انتشارها. بالإضافة إلى هذا، هناك دعوات من أجل وضع لائحة للجرائد الرقمية التي تلجأ لهذا النوع من الأخبار، وحثّ الشركات الكبرى، لحجب الإعلانات عنها، كإجراء لخنقها اقتصاديا.
والغريب في الأمر هو أن بلدانا عريقة في الديمقراطية وفي تقاليد الصحافة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أصيبت هي أيضا بهذه الظاهرة التي لجأ إليها فريق دونالد ترامب، في الانتخابات، وقد انتقلت بسرعة لفرنسا، حيث يحاول اليمين المتطرف استعمالها، كذلك، بنشر أخبار كاذبة ضد المهاجرين والمسلمين، وغيرها من أساليب الدعاية العنصرية.
وتكمن خطورة هذه الأخبار الكاذبة في طريقة وشكل عرضها، حيث تُقدّم في أسلوب مهني، وكأنها واقعة حقيقة، وتنتشر بسرعة لأن مواقع أخرى تتناقلها، و من كثرة تكرارها تكتسب صفة «الحقيقة»، التي يصدقها الجمهور.
ولن يكون صعباً أن نقدم من المغرب، أمثلة كثيرة على هذه الممارسات، التي أصبحت مألوفة في العديد من الجرائد الإلكترونية، التي تنشر أخبارٍاً غير مضبوطة، هدفها هو البحث عن كثرة القرّاء، حيث يمكن القول إن الظاهرة منتشرة كثيراً في بلدنا وتحتاج إلى مجهود جماعي وحقيقي، من أجل مواجهتها، وهذه مهمة مطروحة بقوة، لاحترام مصداقية الصحافة وحماية الديمقراطية، من التضليل، فالحق في الوصول إلى المعطيات وإلى الخبر الجيد والصادق، يعتبر من أهم مبادئ النظام الديمقراطي، وحرية التعبير ينبغي أن تكون في خدمة هذه المبادئ.