التقت “أنفاس بريس” بالمقاوم لحسن زغلول الملقب بولد الكابران، بمنطقة بوشان التابعة لنفوذ عمالة الرحامنة، يوم الخميس 30 مارس 2017، ببيت صديقه المقاوم الراحل محمد العربي أميدة، وكانت الفرصة سانحة للنبش في ذاكرة المقاومة بأرض الرحامنة، والاستماع إلى شهادته في حق رفاقه، (محمد العربي أميدة، أحمد ياسين، دليل بن عبد القادر..)، الذين اختارت جمعية التسامح بجماعة أيت حمو بقيادة بوشان، أن تكرمهم خلال النسخة الثانية لمهرجان التسامح للتراث والفروسية .. وكان معه الحوار التالي :
س ) ماذا تمثل لك منطقة بوشان بالرحامنة؟
ج ) منطقة بوشان، أهلها عرب يمثلون الشموخ والكرم والطموح المعزز بالتقدير والاحترام، رغم حكم الاستعمار وتعسف الحكام، شارك ثلة منهم في الحركة الوطنية، خاصة ثلة من الطلبة المنتمين لمدرسة أكدالة العلمية التي كان يسيرها الأستاذ دليل بن عبد القادر الوطني الغيور والعالم الجهور الذي فرض احترامه على حكام المنطقة .
س) حدثنا عن مدرسة أكدالة؟
ج) مدرسة أكدالة العلمية توجد بتراب قيادة بوشان، وقد لعبت دورا مهما وأساسيا في تقديم دروس الفقه والسنة والشريعة والأدب، وتخرج منها عدة طلبة مقتدرين نفعوا البلاد والعباد، ومن هذه المدرسة تكون مجموعة من الوطنيين منذ سنة 1952، بل إن مجموعة منهم شاركت في المقاومة المسلحة بعد نفي الملك الشرعي للبلاد محمد الخامس من طرف الاستعمار وعملائه سنة 1953 .
س) كيف تشكلت خليتكم لدعم المقاومة بالمغرب؟
ج ) في دار الأستاذ دليل بن عبد القادر اجتمعت أول خلية بمنطقة بوشان، للتفكير والعمل على مساندة المقاومة المغربية. وفي هذا الاجتماع، الذي تم في شهر سبتمبر 1953، تم الاتفاق على جمع مساعدة مادية دعما للمقاومة التي انطلقت بالدار البيضاء ومراكش والرباط.. وكانت تلك هي النواة الأولى لخلية المقاومة بالمنطقة، حيث تم العمل على شراء السلاح لمد المقاومة بالدار البيضاء.
س) هل قامت الخلية بعمل كفاحي بالمنطقة؟
ج ) نعم، لقد امتد عمل الخلية للعمل على مناهضة الاستعمار بالمنطقة، وقامت الخلية بعدة أعمال تخريبية لمنشئات الاستعمار، واستمر عملها إلى أن رجع محمد الخامس من منفاه وحصل المغرب على حريته واستقلاله، وكان أول عمل علني جماهيري في شهر أكتوبر 1955، حيث تكلف المقاومان محمد العربي أميدة وأحمد ياسين وهما ينتميان، بقيادة مظاهرة جماهيرية في سبت البريكيين، رفعوا خلالها شعارات مساندة للملك محمد الخامس، وبجلاء قوات الاستعمار، وعرفا كيف ينسحبان دون أن يصيبهما أذى أو يتعرف عليهما عملاء المستعمر، وبعدها شاركا كذلك في مظاهرة كبرى بسوق اثنين بوشان. كما أذكر جيدا أننا شاركنا كخلية للمقاومة في إقامة حفل كبير فرحا برجوع الملك وأسرته من المنفى بدوار أيت حمو لمدة ثلاثة أيام .
س) كيف كانت العلاقة بينكم وبين السطلة بعد الاستقلال؟
ج ) لقد دخلت المنطقة بعد الاستقلال في صراع مع السلطة الجديدة التي جاءت، وبقيت تحكم المنطقة بعقلية إقطاعية استبدادية، وهذا ما فرض على أعضاء الخلية تعبئة ساكنة منطقة بوشان، لمواجهة الحكام المستبدين، من خلال تعيين وفد يذهب للرباط للمطالبة بما ينسجم مع عهد الحرية والاستقلال، والإنصات لرغبات المواطنين، ودخلت معهم الجماهير الحاشدة في صراع جديد استمر شهورا طويلة.
س) حدثنا عن الروابط التاريخية بين قبائل منطقة الرحامنة وقبائل الصحراء؟
ج ) في سنة 1956 عملنا على إحياء الروابط التاريخية بين قبائل الرحامنة والصحراء، وتبادلنا الزيارات، لأن أغلب الوفود الصحراوية كانت تربطها بمنطقة بوشان، القرابة العائلية، والانتماء القبلي.. وعلى إثر ذلك تكون وفد من المنطقة، يرأسه العبد الضعيف المقاوم لحسن بن الحسين والمقاوم دليل بن عبد القادر ومحمد العربي أميدة والسيد حسن ياسين، وسافرنا إلى الصحراء في شهر أبريل 1956 للقاء بعض الشخصيات التي ربطنا معها علاقات، واتفقنا معهم على تبادل الزيارات موسميا، وتنفيذ برامج ثقافية وفكرية، في كل محطة تتخللها لقاءات مع الساكنة، لتفسير كل المعطيات المرتبطة بعهد الاستقلال، الذي سمح بتجديد الصلة مع قبائل المنطقة.. وقد كان الوفد يتكون من 22 شخصية أغلبها من منطقة بوشان وشخصيات من منطقة ابن جرير.
س) ما هي المساهمات التي قدمتم للثورة الجزائرية؟
ج ) إضافة إلى ما ذكر ساهمت المنطقة من خلال خلايا المقاومة، في جمع المساعدة المادية للثورة الجزائرية سنة 1957، ومساعدة مادية كذلك للمقاومة بأيت باعمران ضد الاستعمار الإسباني.
س) ما هو الأثر الذي تركته خلايا المقاومة بمنطقة بوشان؟
ج ) ساهمت خلية المقاومة على مستوى التعليم، حيث أسسنا أول مدرسة عصرية بـ “السميرة”، سهر على بنائها المقاوم محمد العربي ميدة، فضلا عن مدرسة أخرى بدوار البلاعيد، وبعد ذلك مدرسة بدوار ولد همد، أشرف عليها المقاوم حسن بن مولاي مبارك، بالإضافة إلى ترسيخ عيد الاستقلال سنويا.. هذا، ومن أجل ترسيخ قيم التواصل الاجتماعي، والحفاظ على الموروث التراثي والثقافة الشعبية بين قبائل الصحراء والرحامنة، تم تأسيس موسم الطلبة الذي يقام سنويا بمنطقة بوشان.
(الحلقة القادمة: حكاية الهروب نحو الجزائر من قبضة بوليس أوفقير والالتحاق بالمقاوم بن سعيد أيت إيدر)
- ملاحظة : نظم حفل تكريمي للمقاوم لحسن زغلول يوم السبت فاتح أبريل 2017.
- تنشر مقالات ومراسلات الاخ احمد فردوس ب”نشرة المحرر ” باتفاق معه .