وفي الدستور: كان الاحتكام الملكي إلى نص الدستور وروحه، كما ورد في بلاغ (بيان) إعفاء رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، قراءة ملكية لتأويل الاستعصاء الذي حدث في خروج حكومة بنكيران. وهي المرة الأولى التي يتم فيها إعفاء رئيس حكومة، واستبداله بآخر من الحزب نفسه، من دون الضرب صفحا عنه تماما، على الرغم من الإمكانات التي يسمح بها الدستور لملك البلاد في البحث عن مخرجاتٍ أخرى.
واليوم يستعمل في سياق “تبْيِئَة” الأزمة الحكومية وعدم الارتقاء بها إلى مصاف الاستعصاءات التاريخية التي تتناقض كليا مع ممارسة الديمقراطية على قاعدة دستور جديد، جاء في ديباجته تنويه خاص بسير الملكية نحو طبيعتها البرلمانية، المتوخّاة بالواضح، لا بالضمني، ما يعني أنها، في الراهن المغربي، تجد شبيهاتها في الملكيات البرلمانية المكرسة، ويتضح، من خلال ذلك، أن الأزمة الحكومية ضرورية، كتمرين في الملكيات الديمقراطية:
وثالثا، هذا الدستور، بما هو لحظة حرية مكتوبة ومتفق عليها، يكشف أن الناس “لا يحتكمون إلا إلى حريتهم الصعبة”، بلغة مارسيل غوشي. ورابعا: لنا أن نطرح، من باب التخمين المنطقي، أن الأزمة، كما وصفها العثماني، هي من النوع الإضافي الذي لا بد منه لحماية التطور، نحو ممارسة أكثر تقدما، شبيهة، في توترها، بما استطاع.
المغاربة السياسيون الخروج منه، في لحظات تشنج سابقة، بمزيد من التطور وبملاءمة ذات نجاعة أكبر، وفي تأويل ٍيقع في تقاطع العلاقات بين التاريخ والقانون والسياسة. وكل مقارنةٍ بين تدبيرٍ لم يصل إلى لحظة الإقرار بالأزمة والواقع الحالي هي من باب إحياء الاستعصاء، وإذا كانت بدون مردودية سياسية فلا يعوّل عليها.
واليوم يستعمل في سياق «تبْيِئَة» الأزمة الحكومية وعدم الارتقاء بها إلى مصاف الاستعصاءات التاريخية التي تتناقض كليا مع ممارسة الديمقراطية على قاعدة دستور جديد، جاء في ديباجته تنويه خاص بسير الملكية نحو طبيعتها البرلمانية، المتوخّاة بالواضح، لا بالضمني، مايعني أنها، في الراهن المغربي، تجد شبيهاتها في الملكيات البرلمانية المكرسة، ويتضح، من خلال ذلك، أن الأزمة الحكومية ضرورية، كتمرين في الملكيات الديمقراطية:
الأمر الثاني أنه لا بد للديمقراطية، وبالتالي للسير الدستوري من أزمة، لكي تتطور. ونحن أمام معادلة بيداغوجيا بهذا المعنى، أي أن الديمقراطية، مثل المنطق ومثل التربية عند بياجي، لا بد لها من أزمة للتعلم والانتقال إلى مستوى أعلى من التجريد.
وثالثا، هذا الدستور، بما هو لحظة حرية مكتوبة ومتفق عليها، يكشف أن الناس «لا يحتكمون إلا إلى حريتهم الصعبة»، بلغة مارسيل غوشي. ورابعا: لنا أن نطرح، من باب التخمين المنطقي، أن الأزمة، كما وصفها العثماني، هي من النوع الإضافي الذي لا بد منه لحماية التطور، نحو ممارسة أكثر تقدما، شبيهة، في توترها، بما استطاع المغاربة السياسيون الخروج منه، في لحظات تشنج سابقة، بمزيد من التطور وبملاءمة ذات نجاعة أكبر، وفي تأويل ٍيقع في تقاطع العلاقات بين التاريخ والقانون والسياسة. وكل مقارنةٍ بين تدبيرٍ لم يصل إلى لحظة الإقرار بالأزمة والواقع الحالي هي من باب إحياء الاستعصاء، وإذا كانت بدون مردودية سياسية فلا يعوّل عليها.
ومن هنا، فإن الاعتبار الثاني، وهو أن الوضع في تدبير الطموحات السياسية أصبح مفتوحا وموجودا لدى الفاعلين كلهم، أو ما سماه «التنافس» في الوجود في مركز القرار سمة تجمع بين كل المكونات، يعتبر قراءة، من رئيس الحكومة، قبل تكليفه، للاستعصاء الذي حدث. وهي قراءة، ظاهريا تطبع مع التقييمات «السلمية» للتنافس عوض البحث في نقط الفصل والقطيعة.
وسينتظر الجميع إلى أي حد ستنسجم المفاوضات مع قراءته الحالة السابقة، أو مع تفسيره التنافس السياسي الذي اعتبره مشروعا ومشروطا بإغراءات الأحزاب أكثر مما هو مشروط بالمسكوت عنه،… ومن مفارقاته أن الجميع يتحدث عنه.
هناك سؤال لم يلق ما يكفي من المناقشة، وهو دور عبد الإله بنكيران في فتح بابٍ موارب لم يفسح له؟ من الذين تابعوا اللحظات القليلة، قبل الإعفاء وبعده بقليل سيلاحظون عبارات كثيرة مندسة لم تستبعد ما فعله الملك محمد السادس. ولعل أهم عباراته، والتي قالها، في آخر تجمع له في منتجع الواليدية، كانت تحمل نوعا من الاستباق: «إذا أراد الملك أن يعفينا فله ذلك، لكن مع احترام الإرادة الشعبية». ولهذا، يرى من يعرفون بنكيران، ويشهدون له بالتوقعات القريبة من الهدف أن «إعفاءه، هو التنزيل الأول لكلامه، فيما تعيين شخصية من حزبه يمثل توجه احترام الإرادة الانتخابية في اختيار حزب العدالة والتنمية قوة سياسية أولى».
كانت النقطة الثانية، ولا شك أكبر رهان، فالأمين العام ورئيس الحكومة المعفى كان هو عرّاب النهج التي تبناه الحزب، منذ كان كتلة جنينية من بقايا الشبيبة الإسلامية المرفوضة. وبالتالي، كان هدفه، وهو هدف قائم إلى حد الساعة هو تطبيع وجوده في مربع القرار السياسي، مع الوصول إلى دائرة الحكم بدل النخب التي تعتبر «تغريبية وعلمانية وابنة تربة مغايرة».
النقطة الثالثة تهم هدف البقاء في الدائرة نفسها، بعد تراجع موجة الربيع العربي، وتراجع تجربة الإسلام السياسي عموما، ووضعها ضمن شبكة قراءة وطنية، وليس قراءة إقليمية أو جهوية أو حتى دولية. أي كجزء من الإصلاح السياسي المتواصل، وتغيير تعبيراته السياسية، وليس كمخطط إنقاذ من الضلال العقائدي والسياسي والمجتمعي.. وهذا المرام هو ما يعاب عليه ربما، أنه لم يستحضره بقوة في مغربٍ يشكل الإسلام السياسي فيه استثناءً ضمن الاستثناء، وليس الاستثناء الوحيد.
والخلاصة أن غياب عبد الإله بنكيران عن دائرة التدبير الحكومي في المغرب لن يغيب هذا المشروع البعيد المدى، وإن كان من المحقق أنه سيأخذ أشكالا جديدة، مع تباين التحليلات التي ستخترق الحزب الإسلامي نفسه.
مارس /ابريل 2017.