تٓسٓلّمٓ الدكتور سعد الدين العثماني، مسؤولية تشكيل الأغلبية الحكومية، في ظروف صعبة، خاصة داخل حزبه، العدالة والتنمية، لأن تكليفه جاء بعد خمسة أشهر من المشاورات، ومن الجدل والصراع، لذلك، لن تكون مهمته سهلة، في ظل الضغوطات التي يتعرض لها، بخلفيات وأسباب ودواع مختلفة، لكنها تستعمل نفس المنهجية، المتمثّلة في المزايدات.
ورغم أن رئيس الحكومة، الجديد، يحظى بالثقة الملكية، وبدعم الأحزاب التي أعلن عن مشاركتها في الأغلبية الحكومية، وبقرار المجلس الوطني لحزبه وبمساندة أمانته العامة، غير أنه لم يٓسْلٓم من آفة المزايدات عليه، بهدف تحقيق غايات معينة، تختلف حسب الجهة التي تُصٓرّفها، وهو أسلوب أصبح معروفاً في الحياة السياسية المغربية، تُجٓنّدُ له وسائط إعلامية، من طرف الراغب في الوصول إلى حاجته.
من المؤكد أن السياسيين، ومن بينهم العثماني، أصبحوا مُدْركين لهذه اللعبة، التي سرعان ما يخبو تأثيرها، بفعل تطور الأحداث، وتٓغٓيّرِ السياقات، خاصة وأن قطار الحياة السياسية يسير بسرعة، فتصبح مثل هذه الضغوطات، متجاوزة، بفعل الزمن الحقيقي، وليس الافتراضي. فرئيس الحكومة، يواصل مشاوراته ومفاوضاته، في أرض الواقع، بصلاحيات دستورية مُحٓددة، وخريطة حزبية واضحة، وبأهداف مرسومة، طبقا لما ينتظره الشعب من إنجازات وتطور وتقدم، لذلك تٓمّ اختياره لتحقيقها.
خارج هذا النسق المنطقي والواقعي، الذي يتماشى مع نص وروح الدستور ومع متطلبات الوضع السياسي الداخلي، والتحديات الخارجية، ليس هناك سوى حديث من حق الجميع أن يمارسه، في إطار حرية التعبير، والحق في تعدد الآراء وفي الاختلاف، لكن من حق الذين يتولون المسؤولية، أن يمارسوا كذلك اختياراتهم، التي يعتبرونها صحيحة وتخدم المصلحة العامة وتستجيب لقناعاتهم…
وما يمكن تسجيله تجاه الذين يحاولون المزايدة، هو أنهم لا يقدمون أي بدائل واقعية، قابلة للتطبيق، لأن السياسة، ليست خيالا روائيا، بل إكراهات ينبغي تصريفها بحكمة وبراغماتية، للوصول إلى الأهداف، التي تخدم فعلا الشعب والوطن.
استمرار مسلسل المشاورات، في انسيابية هادئة، كهدوء العثماني، يؤكد أنها تسير في الطريق الصحيح، وأن الضغوطات المختلفة لا تؤثر في مسارها، الهادف إلى إخراج حكومة قوية ومنسجمة، ببرنامج متوافق عليه، بأولويات وخارطة طريق، واضحة.