بقدرة قادر أصبحت “الصَّدفة” أي زرّ “الفيستة”، أكبر حجما من العجلة، وباتت مرئية للأعين بشكل أوضح عن أية “رويدة”، وانبرى البعض يتفكّه ويتندّر، وتفتّقت عبقريتهم لـ “الإبداع” من أجل اعتماد خطاب بنفس سياسوي متبّلٍ بنكهة السخرية، بعدما كان نفس الخطاب يطبعه النحيب والعويل في مرحلة سابقة، وتحديدا إبان انتخاب رئيس البرلمان؟
وضع يمكن لنا ببعض التمعّن أن نعرف فيه السبب، ويبطل معه العجب، مادامت “الصَدفة” وهي الصغيرة حجما، بالقياس مع الرقم 20 الذي هو من الناحية الكمّية أقلّ من العدد 125، تكون لها الغلبة دوما من الناحية الكيفية، فتتمكن تلك “الصدفة” التي استضعفوها من أن تكون سيدة قرارها، فتنغلق متى شاءت وتنفتح متى رغبت في ذلك، بقرار داخلي، بناء على خلاصات اللجنة الإدارية لحزب الوردة، التي يريدونها ذابلة بينما هي تزداد نضارة، في الوقت الذي تختل فيه الموازين ويكون فيه غيرها “مفشوشا”!
الحملات التي تستهدف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليست بالمستجد، وهي ليست بظرفية أو عابرة، ولن تكون الأولى في مساره أو الأخيرة، وهي لاترتبط بكاتبه الأول الأستاذ ادريس لشكر، لأن فصولها الشعواء لم يسلم منها في وقت سابق المجاهد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، هذه الحملات التي طالت الشهداء، ورموز الحزب، في سنوات الرصاص، بخّست من اعتقل ومن نُفي، استهدفت الشهيد المهدي بن بركة، الذي ما تزال الحقيقة في ملفّه مغيّبة، وطالت الشهيد عمر بنجلون، الذي اغتيل واستبيح دمه، وبين الفينة والأخرى يصر البعض على أن يكتب عنه بمداد أسود، واللائحة طويلة، ممن رحلوا عنا رحمة الله عليهم، ومن الذين هم بيننا أطال الله في عمرهم، الذين تم “قصفهم” ومايزال لأنهم أبناء الفكرة الاتحادية. حملات شعواء تختزل كل أعطاب المشهد السياسي في الاتحاد الاشتراكي، ولاتبصر غيره، فأصحابها صمّ عمي، يأتمرون بالأوامر وينفذون التعليمات والتوجيهات التي تتم هندستها في “المختبرات”، التي يعي أصحابها الفعليون قوة الاتحاد وامتدادته وتاريخه الذي لن يمكنهم محوه، القوي بأبنائه وبناته، أينما وجدوا، ومهما كانت مواقفهم التي تنهل من فلسفة المدرسة الاتحادية، هذه التفاصيل التي لن يمكن لمن أصبح “فاعلا” بالصدفة أن يكون على وعي تام بها، لهذا فمن البديهي أنه لن يستوعب مدى أكبر من قطر “الصّدْفة”!
اليوم وفي ظل إصرار تام على اختزال الخيبات الديمقراطية في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من طرف عيّنة من المقاطعين للمسار الانتخابي، لفهم خاص بهم، وتصور مفتوح على المجهول، ومعهم المريديون والموالون، وغيرهم من المأجورين، والمهلّلين والمطبّلين لديمقراطية على المقاس، الذين استفاقوا على “الصدْفة” وجعلوا منها محورا للغوهم، نقول لهم بناء على المنطق “الصدفي”، نعم “الصًّدْفة” أعمت الأعين، وكسرت الخواطر، وأصابت البعض في مقتل.