من المؤكد أن الرأي العام يتساءل، اليوم، عن كيفية الخروج من المأزق الذي وصل إليه، رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران،بعد أن فشل في تشكيل أغلبية حكومية، خلالأكثر من خمسة أشهر، من تاريخ تكليفه بهذه المسؤولية، طبقا للدستور.
لقد حاول الكثير من المحللين والسياسيين والصحافيين، تقديم السيناريوهات الممكنة، إنطلاقا مما يتيحه الدستور،وهناك من رفع، منذ البداية، شعار تنظيم انتخابات سابقة لأوانها، معتقدا أن هذا الإختيار قد يمنح لحزب العدالة والتنمية أغلبية كبيرة.
النقاش الذي يرافق هذا الفشل، أمر طبيعي، لأن المأزق يحتاج إلى حل، ولا يمكن أن يتواصل، بدون أن توضع له نهاية،غير أن الدستور المغربي، لا يمكن إن يحسم في بعض التفاصيل ، كما هو الشأنبالنسبةلكل الدساتير، التي لا يمكنها أن تتحول الى مدونات قوانين، لأنها تحدد المبادئ الكبرى، التي تتفق عليها الأمم،بالخصوص حولالملامح العامة لنظامها السياسي.
لذلك،فقد تمتمعالجةمآزق سياسية،من قبيل أزمة تشكيل أغلبيات حكومية، في ديمقراطيات غربية،بناءا على أعراف واجتهادات، لم تذكر حرفيا في دساتيرها، خاصة فيأنظمة ملكية، مثل هولانداوبلجيكا و إسبانيا، حيث كان الهاجس هوإنقاذ البلاد منالأزمة،والمنطلقكانهواستعمال شرعية السيادة، للتدخل في الحياة السياسية، للدفعبها نحو الخروج من المأزق،والهدف هوتحقيق مبدإ حسن سير المؤسسات، خدمة للمصالح العليا للشعبوالوطن.
أما الفلسفة الكامنة، وراء هذا التدخل الملكي، فهيأن الدساتير لم توجد لتصيب الأمم بالشلل، بل إن المبادئ الواردة فيها،التي تنص علىسيادة المؤسسات ووحدةالدولة و أسبقية مصالحها العليا، هي التي برّرٓت تدخل ملكيات إحتفظت بصلاحيات رمزية.
الوضع مختلف، في المغرب، حيث أن الملكية تحتفظ، حسب النص الدستوري، بصلاحيات السهر على حسن سير مؤسسات الدولة وصيانتها منالعبث، والقدرة على التدخل فياللحظات الحاسمة، لحماية استمرارية أدائها لمهامها،في إطار التعاقد، الذي تمثله البيعة، ويكرسه الدستور .
هناكمبادئ عامة، تتقاسمهاكل الديمقراطيات، التي اختارت النظام الملكي، لذلك ليس هناك أي سيناريو جاهز، غير سيناريو استمرار المؤسسات وحسن سيرها وضمان أدائها لوظائفها، خارج أيةاعتبارات أخرى،ما يهمها هو الخروج من المأزق.