ما تابعناه ليلة أمس على الفايسبوك بعد صدور بلاغ الديوان الملكي بشأن إعفاء السيد بن كيران من مهمة تشكيل الحكومة يثير الكثير من الاسئلة وعلى رأسها لماذا هذا الفرح والنشوة التي عبر عنها البعض على إثر صدور هذا البلاغ ؟
ألا يشتم منها رائحة طائفية نحن في غنى عنها ولا ينبغي أن تتسلسل هذه النبتة الخبيثة إلى ثقافتنا السياسية فنتائجها الكارثية واضحة للعيان في بقاع أخرى . وبالمناسبة فإن نوع من الشماثة عبر عنها كثيرون ، رغم أن إجراء إعفاء السيد بن كيران مسألة عادية في الاعراف السياسية الديمقراطية ، ومن يتذكر فإننا توقعنا الامر منذ أكثر من ثلاثة أشهر وأشرنا إلى المخططB والذي نحن بصدده الآن .
لَبْس هدفنا هنا تحليل أبعاد وخلفيات القرار فلكل موقفه ولا ينقصنا المحللين السياسيين الذين سوف يحركون أقلامهم في الأيام القادمة .
وسنلخص الامر بشكل واضح كيفما كان من سيتم تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة من داخل أُطر حزب العدالة والتنمية ، فإنه سيكون مكبلا بمواقف عبدالإله بن كيران تجاه أطراف سياسية ، ولن يكون مستعدا أن يمرغه في الطين كما أن وضعية حزب أحتل المرتبة الاولى في الانتخابات الاخيرة لا يقبل أن يصير الطرف الأضعف في المعادلة السياسية الراهنة، وربما من سيؤاخد عليه بن كيران من طرف أقربائه في الحزب هو كونه هو من ساهم في ذلك .
أن تتحلى بالاخلاق السياسية الديمقراطية أمر يتطلب إيتبعاد ثقافة الالتراس ، وهي ثقافة القطيع التي تعتمد التهييج والعصبوبية وقد رأينا نتائجها في المجال الرياضي .
ثقافة الالتراس موجودة لدى كتائب البيجيدي وطبيعي أنها تساهم في خلق مقابل لها من لدى خصومها وأخطر ما في ثقافة الالتراس هو وجهها العنيف سواء في حالة الهزيمة أو الانتصار وهي قادرة عاى تحويل الهزيمة إلى إنتصار وذلك ما حصل لبعض الاتحاديين الذين عِوَض أن يقروا بالهزيمة السياسية فيالانتخابات الاخيرة وأصبحوا يروّجون بأن الحزب قوة سياسية وليس قوة إنتخابية وهو قول يربح أصحابه ويبعدهم عن التفكير السليم .
وكما قلت في تعليق على الشابة ايمان الرازي فإن المسألة لا تتعلق برحيل بن كيران ولكن كيف يمكن تحرير المغرب من قبضة المحافظين والمحافظة هنا لا تعني التعلق بالدِّين ولكنها ثقافة مشدودة إلى الماضي والتشتت بإمكانية إعتماده لتفسير الحاضر والمستقبل وهي نجدها لدى الأصوليين بل نجدها لدى صنف من يعتبرون أنفسهم تقدميون .
ليس هناك بن كيران ، هناك بن كيرانات سننتظر أحدا منهم له دراية بالرهانات الكبرى وقادر على التصرف من منطق ميزان القوى المجتمعي وليس السياسي وذلك ما نبهنا اليه السيد بن كيران في ورقة سابقة كان عنوانها « إبتدأ الكلام »ردا على تصريحه « إنتهى الكلام ».
وفِي الواقع فإن المفردات السياسية تعكس المستوى الثقافي والفكري لأصحابها وهي حين تخرج من أفواههم خصوصا في الحقل السياسي ينبغي أن تكون مضبوطة وموزونة وإلا فإن على المعنيين إعتماد الكتابي بدل الشفوي فهذا الأخير قد يكون سبب البلاء وهو أقرب إلى ثقافة الالتراس .