ونحن الذين كنا نعتقد الوليدية مشهورة بطبق LES HUITRES  اللذيذ فيها، اكتشفنا السبت أنها أصبحت تشتهر بالبطاطس، خصوصا عندما نترجمها إلى اللغة المغربية وتصبح البطاطا ويصبح السؤال على لسان رئيس حكومتنا المكلف هو “واش حنا بطاطا؟” جوابا على رغبة التجمع ضم الاتحاد الاشتراكي إلى التحالف الحكومي المقبل

نحن الذين كنا نعتقد أيضا أن الخطاب السياسي في الوطن سيرتفع قليلا من قاعه المزدحم، وسيستفيد من خبرات وخيرات (الربيع العربي والحراك الشبابي والتغيير الديمقراطي والانتقال الحضاري وغياب الخوف وهبوب الحرية) وماإلى ذلك من الشعارات الاستهلاكية التي علمتها لنا القناة القطرية الشهيرة، اكتشفنا مجددا أن النزول قد يكون قاسيا بجملة مثل “يلا شفتو الاتحاد الاشتراكي دخل للحكومة، عرفو باللي أنا ماشي عبد الإله”.

إلى أين نسير؟
هذا ليس سؤالا صائبا
السؤال الصادق الصحيح فعلا هو “هل نحن نسير؟”.
بطبقة حزبية مثل هاته يمنعها التشنج من بلورة فكرتين متتاليتين يحق للمغربي أن يرثي مآله، وأن يحس بضيم شديد، وأن يعتبر أنه مظلوم، خصوصا وأن هذا المغربي الفضولي ابتلاه ربه بالرغبة في الاطلاع على كل تجارب الكون.

لذلك وحين يقلب النظر هاته الأيام بين مختلف النقاشات الحزبية الدائرة في فرنسا، ويجد الناس تجتهد لكي تقدم برامج، ولكي ترفع على الأقل سقف التناظر وإن لغويا إن لم تستطع رفعه سياسيا، وتستشهد بالمقاربات التاريخية الكبرى، وتستل من تاريخ بلادها ومن تاريخ بلدان الآخرين القصص السياسية الخالدة، نجدنا في الوطن غير قادرين إلا على هذا المستوى من “بطاطا” ومن “يلا شفتو سميتو فسميتو فديرو ليا”.
لا نستحق. صراحة لانستحق.

نحن شعب لطيف، وعريق، و”ولد الناس”، وقد صبرنا طويلا على هؤلاء الحزبيين رغم أن عددا منهم مر إلى السفه معنا غير مامرة، لكننا كنا نقول دوما “إنهم منا وعلينا”، وكنا نجد لهم الأعذار تلو الأعذار، لكننا اليوم نكتشف أن حسن الفد كان أسبق منا جميعا إلى فهمها وأنه “ماكاينش معا من” فعلا، لذلك لا رد على سؤال السيد رئيس الحكومة “واش حنا بطاطا؟” إلا جواب “حنا اللي بطاطا سيدي ودايرين فيكم عقلنا”.

حتى صبرنا عليهم وطول بالنا فهموه خطأ، واعتقدوا أننا نمنحهم البطائق البيضاء تلو البطائق البيضاء، وأننا نسمح لهم بأن يفعلوا ما يريدون وأن يتحدثوا باسمنا رغم أننا لم نكلفهم بذلك، وأن يقولوا فور أول فخ يقعون فيه “الشعب يريد”.
في الحقيقة وفي الواقع مثلما يقول المصريون قبل بدء أي جملة: الشعب لا يريد شيئا.

الشعب فهم الحكاية جيدا، واستوعب أن محرك جزء كبير من الطبقة الحزبية (وليس كلها) هو المصلحة الآنية، اللحظية، العابرة، المارة، التافهة: منصب هنا، امتياز هناك، حشر في مكان ما وأشياء من هذا المستوى ومن هذا العيار فقط لا غير
الشعب يريد فعلا اليوم من يستطيع الرقي معه إلى درجة التجرد من الذات (الحزبية/الطائفية) لكي يرتدي الزي المغربي فقط، ولكي يضع نصب عينه مصلحة الوطن “وبس”.

نستطيع قولها بكل اطمئنان حزين بعد مرور كل هذا الوقت على فشل ابن كيران في لم حلفاء حوله، وفي إقناعهم أنه سيكون رئيس حكومة كل المغاربة وليس رئيس حكومة “البيجيدي ومن معه” فقط : القضية أصعب مما كنا نعتقد ويلزمها اجتهاد أكبر، وربما تلزمها ضربة مكنسة لطبقة حزبية شاخت تكونت في ظروف أخرى لاعلاقة لها بظروف المغرب اليوم،، والرهان على طبقة حزبية شابة تستطيع أن تتحدث مع الناس لغة هذا العصر. تستطيع أن تفكر تفكير هذا العصر، وتستطيع أن تستوعب رهانات هذا العصر، وتراهن على الغد قريبه وبعيده، ولا تظل رهينة الأمس محنطة فيه تستل لنا من العدم عبارات تشعرنا بالخجل لمستوى حزبيينا هنا والآن

ربما والله أعلم نستطيع حينها أن نترك “البطاطا فالتيقار”، وأن نتحدث لغة أخرى تعطينا على الأقل وهم العيش في القرن الواحد والعشرين…

 

 

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…