كان من الممكن أن نجد المشترك بين 8 مارس، عندما أقر العالم بأنوثته الخلاقة وأسس لاعترافه ذكرى، وبين 9 مارس،عندما أقر المغرب بأنوثته الحية في دستور صنعته الثورة الأنثى…
كان من الممكن أن نبحث عن المشترك في الحياة بين المنبر والقصيدة ، عندما يلتقي يومان من روزنامة الغد
لكن شاء الموت، أن يكون لهذا اليوم حد أدنى بين الحزن والقضية..ويكون له طعم آخر في السنة ونحن نتهيأ لوداع مليكة ملاك..
ضاعفت حزني أيها الملاك!
لم يكن يدر بقلوبنا بأن المرض الذي هزمته بباريس، اختبأ في كمين جسدها لكي ينقض عليها..من جديد.
لم يدر بالوفاء أننا سنعود إلى صفحتها لكي نتأكد من خبر انتصار قوتها على المرض..وأنها تأكدت، فعلا كما تفعل المهنية الرفيعة فيها، من خبر .. انتصارها!
لم يكن لنا أن نتصور بأن الموت سيد آخر من سادة الخطط العسكرية وفن التاكتيك: ينحني لابتسامتها الى أن تمر العاطفة!
لكن حدث أن خدعتنا ابتسامتها التي طالما ارتحنا لها ورفعت من قوتنا..
لا أذكر عمر الابتسامة، لكني أذكر بأنها مرة دفعت بي الى قوة أكبر، في موضوع الحكامة وتخليق الحياة السياسية!
كان تمرينا مدهشا ومثيرا نفسيا ، الآن فقط ، بعد سنوات أقدر كم كانت دعوتها حاسمة لي في مساري، واعترف بأنها صنعت صورتي وأنا لم أكن أعرف بعد ملامحي ، لا إعلاميا ولا سياسيا!
ومرة،مع عبد الاله بنكيران، بجانب محمد ضريف، وهو اللقاء العاصف الذي مرنني على «تمريرات« بنكيران..منذئذ!
لم أكن أعرف أنها تقودني، هي العرافة العقلانية والصوفية الضاجة بالحياة..من يدي لتطلعني على مستقبل تتركه لي….. وترحل!
وآخر مرة، اذا لم تخن الذاكرة رفقة السي احمد توفيق، وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية ،..ولا أذكر سوى أننا جلسنا مطولا بعد أن ، استقر رأيها ربما، أنه يمكن لي ذلك وقد صار عودي أكثر صلابة ويمكن أن أعيش في أماكن المجهول السياسي والاعلامي..
لم تكن في حاجة سوى الي صلابتها وابتسامتها، ولم تكن من العينة التي تفرض وجودا إعلاميا أو اشعاعا بواسطة الفذلكة أو الفبركة المتعمدة للاخبار أو التشرنق المرضي في الذات..
كانت سيدة تستحق ألف زجاجة عطر من عطر المحبة وألف وردة بلا مناسبة، لأنها كانت جدية وواثقة من نفسها كجيل من الصحافيات اللامعات واللواتي وضعن للمهنة سحرها الانثوي، قريبا دوما من الحقيقة المهنية..

في أول تدوينة، تراكم فيها خبر رحيلها وأحزان خاصة ، والفجر يتنفس صندل الرحيل ، أصابتني تدوينة من نوع ال9 ملمتر كاتمة للصوت« في هذا. ..الفجر. أشعر أن جمرة حلت مكان القلب.الموت.الغدر الذي يطعم حرقتها. اليأس الذي غمر القلب القديم..الحب..الذي ينأى بالروح عن روحها. الأرق الذي يشعل الف شمس في الرأس ..العزلة كملاك مطرود من جنة الله. .أسقط وإحساس مفجع يتملكني بأن سقطتي لها أجنحة..يا أحبتي عدت إلى الشيء الذي لا يمكن ان أجيد غيره….حزني»..
لم أكن أدري أين يقف الحزن عليها والحزن بها والحزن علي والحزن بي! كان الواضح أن الحداد بالحداد، كما نقول العين بالعين، والحزن بالحزن كما نقول السن بالسن!
ياقانون الغياب الأليم، ان الحزن الحقيقي لا يشيخ!
بعد تشييع جنازتي أي جواب للسؤال الذي يسبقني الآن:
ماذا فعلنا ياإلهي؟ لقد دفنا ملاكا

 

الخميس 9 مارس 2017.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…