هذه الورقة تتزاحم فيها أفكار كثيرة ، سنحاول أن نعبر عنها بالسرعة المطلوبة ، صديقنا سعيد جعفر إقترح أن يقدم ورقة حول الاسلام وقدم عرضه أمام اللجنة التحضيرية والعنوان أعلاه هو موضوع مداخلته ، ما يميز اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العاشر للاتحاد برئاسة الصديق بنعتيق هي كونها قررت فضيلة الاستماع لكل الاتحاديين وأبوابها مشرعة لكل المساهمات سواء من داخل الاتحاد أو من خارجه .
ركز الصديق سعيد جعفر على مسألتين أساسيتين:
الأولى تتمثل في كون السلفية كانت حاضرة في تأسيس الاتحاد ، النموذج هو مولاي العربي العلوي ،
الثانية أن من كبار المجتهدين في فهم الاسلام المرحوم الجابري من خلال إهتمامه الكبير بالرشدية وكذلك خاتمة إجتهاداته فيما يتعلق بالقرآن.
الاتحاد الاشتراكي يميز بين ما هو ثقافي وما هو سياسي فالدين لله وللمغاربة أجمعين والمشترك لا يقبل خوصصته ، وفِي ورقة سابقة نشرناها في الفايسبوك تحدثنا على أن هناك دعوة واحدة لها خصوصية وأكتملت بنص القرآن ( اليوم أكملت لكم دينكم… )وكل الدعوات اللاحقة هي دعوات سياسية .
حين أغتيل الشهيد عمر بن جلون كان الاتحاد واضحا من خلال كلمة القائد عبدالرحيم بوعبيد وكان عنوانها الواضح الذي تصدر جريدة المحرر آنذاك « …يقولون أن الاسلام لم يأتِ بالاشتراكية ونحن نقول أن الاسلام لم يأتِ بالرأسمالية …» كلام بليغ حدد موقف الاتحاد من تسييس الدين .
هناك قضايا ينبغي الحديث عنها حتى يتأكد للجميع أننا لا نتحدث من فراغ ، القضية الاولى أوجزها كتاب الاستاذ علي أومليل ( الإصلاحية والدولة الوطنية ) وهو عبارة مقاربة بين فكرة الفطرة كما تبلورت عند الاسلام السياسي وبين حالة الطبيعة كما تناولها فلاسفة الغرب إبتداءًا من روسو ، ينبغي هنا أن أنبه إلى المفكر المغربي عبدالله العروي لم يقم بترجمة نص لروسو حول الدين إعتباطا . والقضية الثانية هي كتابات عبدالله العروي حول مفارقة تاريخية وهي قضية ركز عليها الرجل في أكثر من مرة ، تتعلق بالمقارنة بين ميكيافيل وبداية عصر التنوير وإبن خلدون ونهاية عصر التفكير بالنسبة للعرب والمسلمين .
سنأتي الآن لنتحدث عما نحن بصدده ونحن في هذا الموضوع نمتلك الجرأة والشجاعة المطلوبين في محطات تاريخية ، وذلك يدعونا إلى القول أنه لاينبغي تحميل الدين أكثر من قصده وظروف نشأته .
علينا جميعا أن نقرأ كتاب السيد القمني الذي عنوانه ( الحزب الهاشمي ).
الكتاب يتحدث عن أصل الصراع في قريش بين أبناء قُصي بن كلاب وهما فخدتين : بنوعبدالدار أصل الأمويين وبنوعبدمناف أصل الهاشميين ومنهم انحدر النبي . ذلك الخلاف التاريخي كانت له تداعيات وهو أصل كل من الدولة الأموية والدولة العباسية .
ولنلخص : منذ أن تأسس الاتجاه الديني الجديد ممثلا في الاخوان المسلمين بداية القرن الماضي ، ومنذ أن إجتهد السيد قطب في كتابه ( المعالم ) كان الهدف هو جعل الدين نظاما سياسيا وإقتصاديا وثقافيا ، ذلك كان هو الشعار الذي رفع أنذاك و لخٌص هذه الرؤيا ( الاسلام هو الحل ) ومؤخرا سوف يقول السيد عبدالفتاح مورو الرجل الثاني في حزب النهضة التونسي أن هذا الشعار أصبح متجاوزا في حوار مع الملحقة الإعلامية لحزب العدالة والتنمية ” أخبار اليوم” .
الجرأة في هذه الورقة هي أنها تطرح إشكاليتين من شأن الجواب الواضح والصريح عنهما أن يجيب عن مستقبل الحداثة في هذا الوطن أولا ً وثانيًا لذى كل المنتسبين إلى هذا الدين .
* الاشكالية الاولى : إذا تقدمت العدالة البشرية على العدالة ألإلاهية بماذا سنأخذ ؟
* الاشكالية الثانية : تتعلق بمفهوم الاجتهاد ، هل يظل حبيس الحرام وبذلك سيظل يخدم التصور الذي يريد أن يجعل من الدين نظاما إجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا وبذلك فإن سحب الدين ليتحكم في كل القضايا هو ما ينتج المحافظة ومحاربة العقل ، مفهوم الاجتهاد هو ذلك الحجاب الذي يوضع على عيني الحمار وهو يقوم ب”الدْراس” حتى يستمر بالدوران حول نفسه .
أن يجتهد الفقهاء المؤهلون في شرح الدين للمواطنين ذلك أمر مطلوب ، أن يجتهد البشر في فهم أحواله وتطويرها ذلك أمر يهمهم وهو ما تعنيه كلمة سياسة
الاتحاد يجتهد ، وأولئك الذين ليس لهم من هم سوى متابعة خطواته بالتجريح و ليس بالنقد المبتغى عليهم أن يتذكروا أن المعادلة أكبر مما يتوقعون .