لم يجد حكام الجزائر، وتابعهم، البوليزاريو، من حجة لمحاولة التصدي، للعودة القوية، للمغرب، للاتحاد الإفريقي، سوى النضال المستميت للدفاع من أجل التشبث بالحدود الموروثة عن الاستعمار، المبدأ الذي رفضته بلادنا، منذ التحضير لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، في اجتماع الدارالبيضاء، سنة 1961، والذي مازالت ترفضه، رغم المصادقة على ميثاق الاتحاد الإفريقي. هناك مبررات موضوعية وتاريخية، تبرر رفض المغرب لهذا المبدإ.
يعرف الجميع أن استعمار المغرب، تطلّبٓ تحالف عدة قوى اِستعمارية، لذلك تم تقسيمه بين فرنسا وإسبانيا، بينما ظلت طنجة تحت وصاية دولية، لذلك جاء الاستقلال تدريجيا، حيث اعترفت فرنسا، رسميا، باستقلال المغرب، في مارس 1956، بعدها اعترفت إسبانيا باستقلال جزء من الشمال، الذي كانت تحتله، في أبريل من نفس السنة، وبعدها بسنتين اِسترجع المغرب إقليم طرفاية، من الاستعمار الإسباني، وظل يناضل لمدة 11 سنة ليسترجع سيدي إيفني، وست سنوات، ليسترجع الأقاليم الصحراوية، ومازالت سبتة ومليلية والجزر المتوسطية، تحت سيطرة الاحتلال الإسباني.
هذه الخاصية التي يتميز بها مسلسل تصفية الاستعمار، في المغرب، تفرض عليه عدم الاعتراف بالحدود الموروثة عن الاستعمار، لأن صيرورة الاستقلال لم تنته بعد، حيث مازالت أجزاء من ترابه ترزح تحت نير الاحتلال الإسباني. غير أن حكام الجزائر و ملحقهم، البوليزاريو، يطلبون من المغرب، أن يتخلى عن مطالبه المشروعة في استرجاع هذه الأجزاء، لتلبية مخطط التجزئة والتقسيم، الذي كان الأداة الرئيسية التي استعملتها القوى الاستعمارية، حتى تتمكن من احتلاله.
إذا كان الواقع البراغماتي، في عدد من البلدان الإفريقية، يفرض عليها الرضوخ لمبدإ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، بل هناك من استفاد من هذا المبدإ، كالجزائر، فإن هناك أوضاعا مختلفة في القارة، حيث تعرضت بلدان، كانت دولا قائمة الذات، كالمغرب، وليس تجمعات قبلية أو أقاليم تابعة
لإمبراطوريات، مثل الإمبراطورية العثمانية، للتقسيم ولسرقة أراضيها، لذلك لا يمكن، بمنطق التحرر والنضال ضد مخلفات الاستعمار، الرضوخ للأمر الواقع، أي الخضوع للدفع الاستعماري الذي طالب به سفير الجزائر ببروكسل ولدى الاتحاد الأوروبي، عمار بيلاني، وممثل البوليزاريو لدى الأمم المتحدة، أحمد البوخاري، بكل وقاحة ودون أن يٓرِفّ لهما جفن، حسب ما نقلته ما يسمى بوكالة الأنباء الصحرواية.