لم يكن الأمر مفاجئا، غير أنه كان مثيرا للإعجاب، أن يعبر قادة الأحزاب الاشتراكية، في غرب إفريقيا، عن وعيهم التام وإدراكهم الجيد، لما يمكن أن نسميه ب»السياسة الإفريقية» للمغرب، حيث كانت الندوة التي نظمها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بمشاركتهم، مناسبة لتقييم النتائج الملموسة لهذه السياسة.
ويمكن القول إن هذه الندوة التي نظمت يومي 16 و 17 فبراير، بمجلس النواب، كانت فرصة سانحة لاختبار الصدى الحقيقي، لما يقوم به المغرب، في القارة الإفريقية، من خلال تقييم سياسيين اشتراكيين، ينتمون لأحزاب ناضلت من أجل الاستقلال والحرية، وعانت من السياسة الاستعمارية، ومن الظلم والقمع.
لم يقف التجاوب مع السياسة المغربية، في إفريقيا، عند أهمية عودة المغرب، للاتحاد الإفريقي، بل أيضاً، آفاق التعاون البناء الذي ترجمته المشاريع المهيكِلة، التي تم الاتفاق عليها، والتي تدشن عهدا جديدا في القارة، التي تعكس فلسفة مغايرة، لما كان عليه الأمر في السابق، تعتمد على تطوير التعاون الاقتصادي، جنوب-جنوب، كقاعدة أساسية للتعامل مع الأطراف الدولية الأخرى.
لقد تـمكّنٓ المغرب من أن يؤكد حضوره كقوة اقتصادية إقليمية، في القارة، ويقدم نموذجا آخر للوحدة الإفريقية، عبر تجسيد التضامن في عمل مشترك من أجل التنمية والتطورالاقتصادي، وهو ما أثار عليه هجمة من الأطراف التي تعتبر أن مخططاتها، السياسية والاقتصادية، ستنهار، إذا سارت بلدان القارة، في تفعيل شعارات التحرر، ليس على المستوى السياسي، فحسب، بل أيضا على المستويات الاقتصادية والثقافية.
من المؤكد أن سياسة المغرب في إفريقيا، ستتم مواجهتها من طرف الدول التي عملت على تشجيع مخططات التقسيم والتجزئة، مثل الجزائر، وأيضا الجهات الاستعمارية، التي تستغل مقدرات البلدان الإفريقية، وكل الأطراف التي تجد في زرع الفتن والحروب، مصلحتها، مما يجبر الشعوب، على تأدية تكاليف باهظة، تضيع هباءً في الصراعات والنزاعات ومصاريف الحروب والمواجهات، كما هو الشأن في المنطقة المغاربية.
ورغم التجاوب مع هذه السياسة الإفريقية للمغرب، من طرف العديد من الدول والقوى السياسية، إلا أنه من الواضح أنها مازالت تحتاج إلى مزيد من التوضيح ومن المجهود البيداغوجي، لشرح أهدافهاالآنية والمستقبلية، واستيعاب مجمل معطياتها، خاصة وأن هناك جهات وقوى تحاول التعامل مع سياسة متعددة الأبعاد بمنطق تبسيطي ونظرة ضيقة.