كلمة إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في افتتاح الندوة الدولية حول التعاون ورهانات الأمن والتنمية في إفريقيا الغربية مقر مجلس النواب ..الخميس 16 فبراير2017
الأخ العزيز ايمانويل كولو رئيس لجنة افريقيا بالأممية الاشتراكية
الاخوة الأعزاء قادة الأحزاب الاشتراكية الصديقة بدول غرب إفريقيا
السادة السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي
الأخوين رئيسي الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب ومجلس المستشارين
السيد مدير معهد الدراسات الإفريقية بالرباط
السادة البرلمانيين والخبراء والإعلاميين
حضرات السيدات والسادة
باسم قيادة وقواعد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أرحب بضيوفنا الأعزاء، زعماء وقادة الأحزاب الاشتراكية من غرب إفريقيا، الذين لبوا مشكورين دعوتنا وشرفونا بالمشاركة في هذه الندوة الدولية، حول “التعاون ورهانات الأمن والتنمية بإفريقيا الغربية” التي ينظمها الفريق الاشتراكي البرلماني وسكرتارية العلاقات الخارجية للحزب.
نحيي تحية الاعتزاز حضوركم معنا اليوم، ونتمنى لكم مقاما طيبا بيننا. والحقيقية أننا رغم علاقاتنا الشخصية و أواصر الصداقة التي تجمع بين أحزابنا، فان لقاءنا اليوم يكتسي صبغة خاصة وقيمة مضافة، فنحن لا نلتقي اليوم بصفتنا ضيوفا لدى الآخرين، أو نجتمع كأعضاء في إطار منظمة دولية ، إننا نلتقي هنا فيما بيننا بمبادرة تلقائية ذاتية افريقية-افريقية.
لا يعقل أيها الإخوة الأعزاء ألا نلتقي للتشاور والتفكير في أحوالنا ومصائرنا إلا بدعوة من لندن أو برلين أو باريس، لقد آن الأوان لكي نلتقي ولكي نجدد اللقاء بدعوة من دكار، و باماكو، وبرايا، والرباط وأبيدجان ، وغيرها من الدول الإفريقية الشقيقة، فلا شيئ يمنعنا من اتخاذ المبادرة وربط الصلة وتنسيق الجهود وتبادل الرأي، كاشتراكيين أفارقة أحرارا، يتحملون مسؤولياتهم ويتمتعون بكامل سيادتهم.
الإخوة الأعزاء
تنعقد ندوتنا اليوم ونحن في المغرب لا زلنا نعيش على إيقاع الاحتفال بعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، وإنها لمناسبة سانحة لكي نجدد كمغاربة اعتزازنا القوي بانتمائنا الإفريقي، ولكي نعلن انخراطنا التام كاشتراكيين مغاربة،في تفعيل الدلالات العميقة لهذه العودة، و لكي نتوجه أيضا ومن خلالكم بالشكر والامتنان الى جميع الدول الإفريقية التي ساندت هذه العودة الطبيعية، بكيفية تلقائية وغير مشروطة.
أيها الحضور الكريم
إن إفريقيا الغربية موضوع ندوتنا هذه،ليست مجرد إقليم على الخريطة الإفريقية، إنها تشكل مساحة جغرافية هائلة، تحتضن تجمعا بشريا ضخما، ومجالا حضاريا عريقا، يضم شعوبا وثقافات مختلفة، وديناميات سياسية متنوعة. ولهذه المنطقة كذلك خصوصيات سكانية ومجالية، تجعلها في قلب الرهانات الاستراتيجية الكبرى لمجموع القارة الافريقية.
ففي العقود الأخيرة، تحركت هذه المنطقة بعزيمة ثابتة لتقطع خطوات كبيرة في مجال ترسيخ الديمقراطية، والنمو الاقتصادي، والتعاون الإقليمي، ولعل ما يدعو الى الاعتزاز هي أن هذه المنطقة تضم بعض أكثر البلدان استقرارا في أفريقيا، وتزخر بأفضل التجارب في بناء القدرات ومواجهة التحديات.
إلا أن مستقبل التقدم الشامل في هذه المنطقة كما في غيرها من المناطق، يمكن أن يتبدد في اي لحظة ، ما لم تنهض سياسات التنمية بدور قوي في تعزيز الاستقرار، وفي الحد من الصراع الدموي والعنف السياسي والتعصب العرقي .
فلا يخفى عليكم أيها الأخوة الأعزاء أن السياسات التنموية تمثل دعامة أساسية في جهود بناء السلام والأمن والاستقرار، لأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تلعب دورا أساسيا في الحد من التوترات المتصلة بالمظالم، سواء ما يتعلق منها بالإقصاء أو عدم التكافؤ في الحصول على الموارد، كما أن التركيز على تدعيم الاستقرار من شأنه أن يساعد على انحسار مظاهر الصراع والاقتتال .
اننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نعتز في هذا السياق بالتقدم الذي حققته شعوب المنطقة بقيادة قواها الاشتراكية والديمقراطية من أجل تحقيق التحول نحو الديمقراطية ، ذلك التحول السلمي الذي بدأ في تسعينيات القرن الماضي من خلال نقل السلطة عبر الانتخابات وليس عبر الانقلابات العسكرية.
ومن المؤكد أن هذا التحول السلمي نحو الديمقراطية ساهم إلى حد بعيد في إرساء دعائم الاستقرار السياسي بعدد من أقطار هذه المنطقة، وفي ترشيد سياساتها التنموية بما يجعلها بلدانا آمنة تنعم بالسلم وتطمح إلى التقدم.
وإذا كانت بلدان غرب إفريقيا أحرزت تقدما ملحوظا في مجال تحولها الديمقراطي، وفي مجال إنعاش اقتصاداتها وتحديث مؤسساتها، فنحن على يقين أن شعوبها وقواها الحية تعتبر أنها لازالت لم تحقق أحلامها بعد، وأنها بالتالي مدعوة إلى الارتقاء بعلاقات التعاون جنوب جنوب لمواجهة التحديات المشتركة، وكسب رهانات التنمية المستدامة بما يحقق تطلعات شعوبها الى التقدم والازدهار.
غير أن أخطر ما ينسف جهود التنمية ومسارات الديمقراطية، هو خطر تفكيك الدولة وإضعافها، وخطر تمزيق النسيج المجتمعي المتماسك، وتفتيته إلى مليشيات مسلحة وجماعات متناحرة، بحيث يتعذر تحقيق الأهداف الإنمائية في ظل تفاقم مخاطر الإرهاب والانفصال والحروب الأهلية.
لا يمكن إذن تحقيق التنمية المنشودة في ظل مخاطر أمنية تزعزع الاستقرار ، وكذلك لا أمل في الأمن والسلام بدون تنمية مستدامة، هذه هي الإشكالية التي تسائلنا اليوم كقيادات اشتراكية وتقدمية ، والتي دعوناكم اليوم إلى مناقشتها في هذه الندوة انطلاقا من قيمنا المرجعية ومبادئنا المشتركة، وذلك بغاية استشراف أفق للتعاون التضامني بيننا ، تعاون من أجل السلم والتنمية والكرامة الإنسانية، التي تشكل حجر الزاوية في هويتنا كاشتراكيين ديمقراطيين أفارقة.
اننا نتوق في هذه الندوة للاستماع إلى تحليلاتكم لأوضاع المنطقة من حيت رهاناتها الأمنية والتنموية، وننتظر الاستفادة من اقتراحاتكم بخصوص آفاق التعاون جنوب جنوب بين المغرب وبلدان إفريقيا الغربية، آملين أن تفرز عروضكم ومناقشاتكم عناصر أولية لرؤية اشتراكية ديمقراطية من أجل تحقيق التنمية وبناء الشراكات ، رؤية تحفز أحزابنا على الارتقاء بتعاونها المشترك في مجال تبادل الخبرات وتعزيز القدرات لما فيه مصلحة بلداننا وخير شعوبنا .
أرجو لكم نقاشا مثمرا ومقاما طيبا ،
مع خالص تشكراتي