تعددت القراءات للوضع السياسي، في المغرب، على ضوء المأزق الذي وصل إليه رئيس الحكومة، المكلف، عبد الإله بنكيران، الذي عجز لحد الآن عن تشكيل أغلبية حكومية، غير أن أخطر قراءة هي تلك التي قام بها الأمين العام، السابق، لحزب التقدم والاشتراكية، إسماعيل العلوي، الذي اعتبر أن هذا المأزق، يمكن أن يؤدي إلى ما حصل في اسبانيا، سنة 1936 .
وما حدث بين 1936 و 1939 في إسبانيا هي حرب أهلية، بين الجمهوريين، الذين كانوا يتشكلون من قوى اليسار، أساسا، والذين واجهوا انقلابا يمينيا يقوده الجنرال فرانسيسكو فرانكو، بمساندة هتلر وموسوليني والكنيسة وكل الرجعيين، على اختلاف مشاربهم.
لذلك فالمقارنة بين ما حدث آنذاك، في اسبانيا، وما يحصل اليوم في المغرب، صعبة جدا، حيث إن الأمر لا يتعلق بصراع على سلطة الدولة، لأن هذا الأمر محسوم على مستوى الشرعية الملكية والدستورية، ثم إن المأزق الحالي لتشكيل الحكومة، هو خلاف بين أحزاب، وليس بين مؤسسات الدولة، كما كان في اسبانيا، بين الجيش والكنيسة وقوى اليمين من جهة، والقوى الثورية واليسارية من جهة أخرى، كذلك، فالصراع في هذه الحرب الأهلية، وصل إلى مواجهة عسكرية كبيرة، تدخلت فيها قوى خارجية، حيث ساندت النازية والفاشية، فرانكو، بينما ساند الاتحاد السوفياتي وفرنسا وبريطانيا، الجمهوريين.
لا نعتقد، ونحن نعقد هذه المقارنة، أن الوضع في المغرب، اليوم، مهما كانت التطورات، مشابه للوضع الذي أدى، إلى نشوب هذه الحرب الأهلية في إسبانيا، اللهم إلا إذا كانت لدى إسماعيل العلوي، معطيات لم يكشف عنها، تتعلق بإمكانية تحول الخلاف حول تشكيل الحكومة، بما فيها السيناريوهات الأخرى، المُحتملة، في حالة العجز التام من طرف بنكيران لتوفير أغلبية لحكومته، إلى مواجهة مسلحة، بين أطراف لا نعلم ممن ستتشكل.
بالإضافة إلى هذا، هل من المعقول في شيء أن يُلٓوِحٓ رجل سياسي، من حزب آمن باستمرار، بشرعية المؤسسات الدستورية، وبالعمل داخلها، بالحرب الأهلية، فقط لأنه يدافع عما يعتبره ضرورة رضوخ الأحزاب، لإرادة بنكيران، في تشكيل الحكومة، كما يريدها؟ نعتقد أن مثل هذا الحماس الزائد لوجهة نظر معينة، يشوش الرؤية الواضحة، لحقيقة الأزمة في المغرب، والتي حصلت بشكل مماثل، في عدد من البلدان، لكن لا أحد قال نحن مقبلون على مواجهة عسكرية.