يعيش المغرب تحت ضغط منطق سياسي، غير مسبوق، أدى عمليا إلى مأزق حقيقي، وشلل في تشكيل الحكومة، لأن الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، العدالة والتنمية، يتصرف كما لو كان حاصلا على الأغلبية المطلقة.
أكثر من ذلك، فقد حصل تضخم في الذات، لدى بعض أعضاء من قيادة هذا الحزب، فأصبحوا يتحدثون لغة غير لائقة، في علاقتهم بالأحزاب الأخرى، تعكس مدى الغرور الذي أصابهم، متناسين أنهم بمثل هذا السلوك، يُعمقون الهوة، التي أضحت تفصلهم عن أغلب الأحزاب، مما أدى إلى اصطفاف الحزب الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات، في صف الأقلية، عند انتخاب رئيس مجلس النواب.
وقد كشفت هذه التجربة، أن التضخم في الذات، ليس سوى نوعٍ من الأوهام، غير الواقعية، لأن نظرية الأرقام والأغلبية المُتٓصٓوّرة ظلت تراوح مكانها، لتدخل البلاد في أزمة، لا يعرف كيف سيتم حلها، خاصة وأنها زادت تعقيدا، نظرا للأجواء التي ولّدها الغرور، مما ساهم في تسميم العلاقات بين أحزاب، من المفترض أن منهجها هو التفاوض، كيفما كانت الظروف.
وبٓدٓلٓ أن يكون الحصول على المرتبة الأولى في الانتخابات، وسيلة لتزعم المشاورات، بعقلية منفتحة، بدون نزوعات التغول، تجاه فرقاء سياسيين، تحولت هذه المرتبة إلى لعنة على أصحابها، أوكما يقول المثل الشعبي، «النملة مللي كيبغي ربي يعدبها، كيديرلها الجناح»، حيث استسلموا لعقدة التفوق الخادعة، و أصبحوا رهينة الموقع الذي يوجدون فيه، يحجب عنهم رؤية الحقائق.
من المفترض أن تشكل صدمة انتخاب رئيس مجلس النواب، فرصة لمراجعة النفس، وإعادة النظر في مقاربة السياسة، التي هي بالدرجة الأولى مفاوضات وتنازلات متبادلة وتوافقات، وليست مزايدات فارغة ومشاحنات كلامية و غطرسة مراهقة.
المنهج الحالي، الذي سار فيه رئيس الحكومة، المكلف، عبد الإله بنكيران، بتحريض من حزبه وتوابعه الصحافية، على اختلاف أشكالها، أوصلته، لحد الآن إلى الباب المسدود، وكيفما كان المٓخْرٓجُ من هذا المأزق، فإن تفاصيله، ستظل ذكرى سيئة عن أسلوب مُغرق في الغرور، بدون أن تتوفر له مقوماته ذلك، أوقف عجلة العمل الحكومي شهورا، بدون آفاق.