من بين أهم القضايا التي أثارها الكاتب الأول، للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، في برنامج ضيف الأولى، مسألة أساسية تتعلق بالحوار حول البرنامج الذي يقترحه رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران، على الأحزاب السياسية، التي اتصل بها لتشكيل الأغلبية الحكومية.
فقد أثار لشكر أنه في مختلف اللقاءات التي جمعته ببنكيران، لم يتطرق فيها هذا الأخير إلى موضوع البرنامج الذي يمكنه تشكيل هذه الأغلبية حوله، كما لم يتسرب أي شيء مماثل في لقاءات زعماء الأحزاب الأخرى، عن هذا الشق الأساسي في أي ائتلاف أو تحالف حكومي.
ما يعرفه الرأي العام عن المشاورات التي باشرها رئيس الحكومة، هو حديثه عن عدد المقاعد التي يتوفر عليها كل حزب، وعن التفاهمات أو الخلافات، التي لم يٓكشِف عن خلفياتها، فتارة هناك كلام عن أحزاب الكتلة، وتارة أخرى عن أحزاب الوفاق، دون أن يعرف الرأي العام، بكل وضوح وشفافية، مغزى هذه التغيرات في الاختيارات، هل يتعلق الأمر باتفاقات أو خلافات حول البرنامج المقترح للالتفاف حوله، أم أن هناك دوافع أخرى؟
نفس هذا الغموض يحيط أيضا بالمشاورات، التي تمت مع الاتحاد الاشتراكي، حيث كشف لشكر أن رئيس الحكومة المكلف، لم يتعرض معه نهائيا لهذا الموضوع، في اللقاءين اللذين جمعاهما، حول مشروع تشكيل الأغلبية الحكومية. وهذا نموذج فريد في المفاوضات، حيث انقضت أكثر من ثلاثة أشهر، منذ أن تم تكليف بنكيران، ولم يسمع المواطن المغربي، كلمة واحدة عن البرنامج الذي يمكن أن يحصل عليه التوافق بين الأحزاب المقترحة لتشكيل الحكومة.
وَمِمَّا زاد من هذا الغموض، أن بنكيران، انطلق بدايةَ المشاورات، من الاقتراب من أحزاب الكتلة، مما كان يعطي الانطباع بأن هناك توجها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، معينا، يرجح كفة هذا الائتلاف أو التحالف الحكومي، ثم بعد ذلك، غٓيّرٓ رئيس الحكومة المكلف، الوجهة نحو أحزاب الوفاق، دون أن يفسر لماذا، وأعلن استبعاد الاتحاد الاشتراكي، دون تقديم أي تبرير، في الوقت الذي كان يرحب به في التحالف الحكومي.
كم سيدوم هذا الغموض حول البرنامج الحكومي، الذي يقترحه رئيس الحكومة المكلف، والذي لن يكون حتما هو برنامج حزبه، العدالة والتنمية، لأن الأمر يتعلق بائتلاف تتوافق فيه الأحزاب، التي تتوفر هي أيضا على برامج خاصة بها، لتشكيل أغلبية حكومية، التي هي ليس تجميعا لأرقام، بل هي مضمون هذه الأرقام.