في إطار الجدل الدائر حاليا حول الوضع السياسي بالمغرب، هناك من يعتبر أن «إرادة شعبية»، يتم تحديها، من طرف الأحزاب التي لم تتفق مع مقترحات رئيس الحكومة، المعين، عبد الإله بنكيران، الذي حصل حزبه في الانتخابات التشريعية الأخيرة على المرتبة الأولى.

تُتٓرجٓمُ هذه المرتبة، التي حصل عليها هذا الحزب، كما لو كانت تعبيرا عن «إرادة المغاربة»، رغم أن لغة الأرقام، المفضلة دائما، عند أصحاب هذا الطرح، لا تسعفهم في ذلك. فما هي الأرقام والمعدلات التي تطعن في نظرية «الإرادة الشعبية»؟

حصل حزب العدالة والتنمية على 31,65 في المِئة، من الأصوات المعبر عنها، حيث لم يتجاوز معدل المشاركة، في هذه الانتخابات، حوالي 43 في المِئة، من مجموع الناخبين المسجلين، في اللوائح الانتخابية، أي 15.702.592 مواطنة ومواطنا.

أكثر من نصف المسجلين لم يصوت، وحوالي النصف الآخر غير مسجل في اللوائح الإنتخابية، فإذا حسبنا عدد المغاربة الذين وصلوا إلى سن التصويت، وهم حوالي 28 مليون مواطن، تتوضح لنا الصورة أكثر، حيث ألاّ أحد من الأحزاب يمكنه الادعاء بأنه يمثل الإرادة الشعبية، ومن بينهم أيضا حزب العدالة والتنمية الذي لا يتجاوز ما حصل عليه، في أحسن الأحوال، 11 في المِئة من مجموع المسجلين، وحوالي نصف هذا المعدل، بالنسبة لمجموع المغاربة الذين بلغوا سن التصويت.

تكشف هذه الأرقام أن التحدث باسم الإرادة الشعبية، غير صحيح، خاصة وأن 68,35 في المِئة، من الأصوات المُعٓبّرِ عنها ( 5,779004)، صوتت ضد العدالة والتنمية، ولم تسانده.

معنى هذه الأرقام، أننا أمام خريطة سياسية لا تمنح لأي حزب أغلبية مطلقة، كما أن حوالي نصف، الذين يحق لهم التصويت غير مسجلين، وأكثر من نصفهم لم يشارك، رغم أنه مسجل، والحزب الذي حصل على المرتبة الأولى، تظل نتائجه متواضعة، بكل المقاييس والمعدلات.

تُحٓتّمُ هذه الوضعية على حزب العدالة والتنمية، ألا يتحدث باسم الإرادة الشعبية، بل باسم العدد المحدود، للذين صوتوا لصالحه، ويترتب عن ذلك، أنه مضطر للتفاوض مع الأحزاب الأخرى، وهي متعددة المشارب والتوجهات، لتشكيل أغلبية حكومية، دون أن يعتبر أنه مؤهل لفرض وجهة نظره باسم المغاربة، أو ما أطلق عليه الإرادة الشعبية، الأمر الذي لا يحدث حتى في البلدان، التي تحصل فيها أحزاب على أغلبية مطلقة، و تصل معدلات المشاركة فيها، إلى أكثر من نصف الناخبين، وهم كل المواطنين الذين بلغوا سن التصويت، ومع ذلك يحترم حق الأحزاب الأخرى في التحالف مع الحزب الفائز، أو معارضته، دون اتهامه بالانقلاب على الإرادة الشعبية.

 

الثلاثاء 24 يناير 2017.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…