” أليام أليام “، الفقر، المرض، الألم ، الجوع، الحزن، الإقصاء، العطالة، الفقسة، الحكرة، كل مفردات التهميش والعوز والبؤس الاجتماعي استوطنت في بيوتات هؤلاء الرواد، نساء ورجالا، تستقبلون نظراتهم (ن) اليوم على صفحة ” أنفاس بريس” للحديث معكم بصمت الجراح، وتقاسيم خرائط وجوههم تحيلكم على جغرافيا القهر التي شكلت تضاريسها الوعرة نياشين الصمود على صدورهم (ن)، وتحملوا (ن) صدمة الواقع المرير في صراع أبدي مع عوائد الزمن.
شيوخ وشيخات العيطة الحصباوية بأسفي، يرددون بصوت واحد ” رجانا في العالي “، لا يسندهم (ن) أحد في محنتهم (ن)، ولا من يكفكف دمعتهم (ن)، ولا من يطرق الباب عليهم، بعدما تمترسوا (ن) رحا من الزمن في خنادق الدفاع عن تراثنا وموروثنا الثقافي الشعبي، حاملين أسلحتهم الطربية نغما وإيقاعا لتحصين عيوط الوطن، وصدحت أصواتهم (ن) الخالدة في ربوعه، أدخلوا (ن) الفرحة لكل بيوتاتنا عبر أشرطتهم الفنية، وتقاسموا (ن) معنا غنائهم الجميل وموسيقاهم الطربية، وخلدوا أروع الأغاني التي تربينا على سماعها باحترام وسط أسرنا جميعا.
انظروا إلى صورهم (ن) البئيسة وهي تترجى السند والدعم، استرقوا النظر في عيونهم التي تقول كل شيء، من منكم لم تطربه عيوط الشيخة الرائعة للاعيدة إمامة رفيقة الشيخ الدعباجي، المدثرة بالأسود، غوصوا في صورة الشامخة فاطمة المنكيري الملقبة بنعيمة الشيخة التي رافقت عيدة أيام زمان، واقرأوا جيدا ملامح الشيخة عيشة الجرارية، وخدوج بنت بوصوف، لتستخلصوا رسائلهن الواضحة حزنا وألما.
انظروا إلى وجه الرائد الشيخ الذي أتحفنا بأنغام أوتاره، والذي كان متوحدا مع آلته الوترية حد الجنون، وعشق عيوط الحصبة وحفظها عن ظهر قلب، ونقل متونها لشيوخ الحصبة، إنه بازهار ميلود الملقب بالداهمو، الذي يصارع الفقر والمرض مثله مثل الشيخ الرائع العربي لكحل الذي أعياه وأنهكه المرض على فراش الانتظار، وحققوا جيدا في تشابك أيدي شيخ الوتر الهرم عويسى البحراوي الذي أضاف الوتر الثالث لآلة لوتار وأبدع في عزفه وغنائه، وكأنه يخاطبنا قائلا ” على الدنيا السلام “.
من أجلهم ومن أجلهن يسابق شيوخ العطية بأسفي الزمن، لإقامة حفل يليق بمكانتهم (ن) الفنية، ” سنطرق كل الأبواب، وسنتصل بكل الغيورين على تراثنا اللامادي الذي حصنوه هؤلاء الرجال والنساء، وتكبدوا في سبيله أقسى المعاناة ” يقول الشيخ جمال عابدين الزرهوني وأضاف في حديثه مع ” أنفاس بريس ” بنبرة حزينة ” شيوخنا يتعرضون لأبشع صور القهر الاجتماعي والإنساني، ولا يجدون ما يحتاجونه من أدوية لمقاومة المرض، فكيف السبيل لسد رمق العيش والحياة ” وقال ” نحن نستعد لإقامة حفل تكريم لهم ولهن جميعا، لا نريد لوحات تذكارية، ولا أواني خزفية، بل نريد دعما ماديا لتأمين ما تبقى من حياتهم، على الأقل لمجابهة متطلبات العيش بكرامة “
وأكد على أن سهرة التكريم خلال الاسبوع الأخير من شهر فبراير من السنة الجارية، ستجمع كل من ” مجموعة شيوخ العيطة برآسة جمال الزرهوني، ومشاركة الفنان حجيب، ومجموعة الشيخ السي محمد ولد الصوبا وفنانين آخرين..” موجها نداءه إلى كل ” المؤسسات المنتخبة وفعاليات المجتمع المدني، والمثقفين، والفنانين، والإعلاميين والصحافيين للانخراط في هذه الالتفاتة التاريخية لشيوخ العيطة.”