مع بداية كل سنة، يطرح المواطنون والمواطنات سؤال الضريبة، التي تتعدد أنواعها ومستوياتها واستهدافاتها .

في بداية كل سنة، وطيلة الشهر الأول، يلزم القانون أصحاب السيارات بأداء ضريبة على مركباتهم، التي تختلف حسب الصنف والنوع ، لكن وحدتها، تكمن في اعتبار أنها غير عادلة وباهظة، بالنسبة للعديد منهم، مقارنة مع دول محيطنا المغاربي والأوربي.

طيلة السنة، ثمة ضرائب عدة، تثقل كاهل المغاربة، وتجعل من سؤال الضريبة موضوعا مستمرا للاحتجاج والنقاش : هل هناك عدالة ضريبية ببلادنا؟ انطلاقا من ضريبة السيارات إلى الضريبة على الدخل مرورا بالعقارات والشركات…

إن هذا السؤال، يهدف بالأساس إلى جعل النظام الضريبي في خدمة العدالة الاجتماعية من جهة، ومن أخرى،جعل الضريبة منسجمة مع أهداف التنمية البشرية، مما يقتضي التخفيف من معدل الضغط الضريبي على مجالات عدة من بينها العقار والسيارات والمقاولات الناشئة الصغرى والمتوسطة وعلى رأس المال المنتج مقابل إخضاع الراسمال غير المنتج للثروة، والأصول المجمدة إلى اقتطاع ضريبي محفز ومستنهض من خلال إجراءات محددة .
لكن ثمة نقطتان رئيستان ومحوريتان تشكلان عمق السؤال المطروح، وهما : التهرب الضريبي العمد، والعجز المتواصل في جباية الضرائب .

إن المغرب يعرف أشكالا عدة من التحايل في مجال التهرب الضريبي الشامل والجزئي . إذ توجد مقاولات كبرى خاصة وعمومية، تعمد إلى الالتفاف على القوانين، بنية حرمان الخزينة العامة من الضرائب، وبالتالي فإنها تسهم بشكل أو آخر في عرقلة المسار التنموي . وقد كشفت المعطيات المتداولة في الآونة الأخيرة عن لوائح لهذه المقاولات في سياق عملية تفاوضية معها لإيجاد حلول وسط لاستخلاص جزء من الضرائب.

إن الاحصائيات الرسمية تفيد بأن أكثر من نصف الشركات الخاصة لاتؤدي مابذمتها، وأن حجم الضرائب غير المستخلصة يفوق 30 مليار درهم . ولهذا الوضع تأثير سلبي على مستوى الدخل الاجمالي الخام بالمغرب، كما أنه يفقد الدولة إمكانيات هي بحاجة ماسة إليها خاصة في مجالات الاستثمار.
أما فيما يتعلق بالعجز المتواصل في جباية الضرائب، والذي ماهو سوى شكل من أشكال التشجيع على التملص الضريبي، فإن الحاجة –اليوم- إلى آليات تعززإعمال سياسة جبائية بآليات ناجعة وفعالة ، ضرورةٌ قصوى . وإن اعتماد مقاربة جديدة تعتمد على تأهيل العنصر البشري الحريص على الوعي بمسؤوليته وبالأفق التنموي لبلده ، مقاربةٌ تعد من الأولويات اليوم .

عموما، لابد من التأكيد على ضرورة العدالة الضريبية في أي سياسة يتم انتهاجها .. وإن سؤال الضريبة الذي يطرحه المواطن، يرمي إلى هذه العدالة، التي يشكل الحيف أحد وجوهها والتملص أحد اختلالاتها .

السبت  14 يناير 2017.

 

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…