تظل دلالات وثيقة المطالبة بالاستقلال التي نحتفي اليوم بذكرى تقديمها للسلطات الاستعمارية حاضرة، باعتبارها مثلت وحدة المغاربة شعبا وملكا ونخبا ، من أجل التحرر، وبناء مغرب موحد قوي . وثيقة، تمت صياغتها بعمق، وتقديمها بجرأة، في لحظة تاريخية كان اختيارها كما انبثاقها مفصليا، إذ أن بداية سنة 1944 لم تكن عادية في مستوياتها الإقليمية والدولية ، وأن ظروفا سياسية ودبلوماسية نضجت، ورأى فيها الوطنيون المغاربة أن التعبير عن مطلب الاستقلال، وإبراز الوحدة الوطنية، حان موعده كتتويج لمسار من النضالات في مناطق عدة من المغرب في شماله وأطلسه. بجنوبه وشرقه . بمدنه وقراه.

تلخصت محاور الوثيقة التي نخلد اليوم الذكرى 74 لتقديمها في كونها اعتبرت أن ما يسمى بعقد الحماية ينبغي أن ينتهي، وأن الاستعمار عمل على تحطيم الوحدة المغربية، ومنع المغاربة من المشاركة الفعلية في تسيير شؤون بلادهم وممارسة حرياتهم الخاصة والعامة، وركزت على ارتباط الشعب المغربي بالملك، وأكدت على الحريات الديمقراطية، مشيرة إلى أنها توافق جوهر مبادئ ديننا الاسلامي الحنيف.

إن هذه الوثيقة التاريخية، يعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أنها تقرر –بوضوح- اصطفاف موقعيها إلى جانب الحركات التحررية العالمية، آنذاك، والمطالبة بالاستقلال والحرية والديمقراطية، وأنها تؤكد أيضا على توافق هذه المطالب مع جوهر الدين الاسلامي الحنيف.

وما استعمالها لكلمة «جوهر» ديننا الحنيف، إلا تأكيد على روح التجديد، الذي كان من رواده مثقفون وعلماء متنورون، ارتبطوا بثقافات نهضوية، وقفت في كل العالم العربي، ضد الرجعية والدعوات الظلامية، التي أغرقت هذه المنطقة من العالم في التخلف والجمود والانعزال، وكانت أحسن حليف للاستعمار، بل خرج منها عملاء وخونة ، ساعدوا على التقسيم وعلى التجزئة.

لذلك، يمكن القول إن الحركة الوطنية المغربية كانت، في سياقها التاريخي، واضحة في انتمائها إلى الحركات والديمقراطية والتحررية، وأنها ربطت شعار المطالبة بالاستقلال، بطموحات معلنة في البناء الديمقراطي وصياغة دولة بمؤسسات حديثة وقوية . وقد دعمت المواقف الوطنية للمغفور له الملك محمد الخامس هذه التوجهات بل وانتصرت لها وتشبثت بها . وقد أقدمت السلطات الاستعمارية في سعي لها لضرب تلاحم الحركة الوطنية والقصر إلى نفي الملك .

لكن إرادة الشعب المغربي وقفت في وجه هذا المخطط، وجعلت من يوم النفي ثورة مسلحة، هزت الاستعمار، وأرغمته على التراجع، وبالتالي الرحيل .

إن وثيقة المطالبة بالاستقلال مرجع تاريخي بمضمونها وبموقعيها ومدعميها . كانت ميثاقا للحركة الوطنية، وعهدا بين ملك وشعبه، وعززت وحدة المغاربة في مرحلة صعبة . هذه الوحدة تعد ضرورة في كل احتفاء بذكرى تقديم الوثيقة خاصة عندما تكون هناك تحديات تواجه المغرب في وحدته الترابية والوطنية .

الخميس 12 يناير 2017.

‫شاهد أيضًا‬

المقاومون والوطنيون في كلميم يكرمون الأخ كمال سليم الجندي والقائد في جيش التحرير والمناضل الاتحادي الوفي

عاشت مدينة كلميم صبيحة يوم السبت 3 نونبر لحظة انسانية ونضالية ووطنية عالية، في مقر المندوب…