هل فعلا ، انتهى الكلام ؟…كما قال رئيس الحكومة المكلف ، و الذي وقع بلاغه باسم الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية قبل أن يشير إلى كونه مكلفا برئاسة الحكومة …؟
فعلا إذا كان بنكيران منسجما مع شكل و منهجية إدارته للمفاوضات و التشاورات ، فعليه أن يزف الخبر للمغاربة و لأعضاء حزبه و مناصريه . هو أعلن نهاية المشاورات مع حزبي الأحرار و الحركة الشعبية ، وبذلك يكون قد حقق نصرا ما بعده نصر ، و العديد من أطر حزبه اعتبروا بلاغه نصرا . وبئس النصر .
لكن الواقع و المنطق و السياق و الظرفية تقول أن بنكيران ينعي في بلاغه جهد و مجهود ما تبقى و من تبقى من المعتقدين في السياسة و ممارستها ، وينعي موقف الذين صوتوا يوم 7 أكتوبر على قلتهم و علاتهم .
فمن المسؤول عن هدر الزمن السياسي في المغرب ؟ المواطن، أم الأحزاب كلها ، أم رئيس الأغلبية و حزبه ؟
وحتى لا نرجع لكرونولوجيا العبث الذي سمي مشاورات من أجل تشكيل الأغلبية كلها ، فقط نذكر أن بنكيران عانق كل الأحزاب بعد فوزه ، باستثناء حزب الأصالة و المعاصرة و اليسار الموحد.. ووعدهم بما وعدهم …ليرجع بعد جولاته “الدانكيشوتية” إلى أحضان حزب الأحرار، بعد أن نسف عهده مع حزب الاستقلال . ليقترح في الأخير تشكيل حكومة من الأغلبية السابقة ( الأحرار و الحركة الشعبية و التقدم و الاشتراكية ) بأغلبية هشة لا تتجاوز 201 من مقاعد البرلمان ، وهو أمر يفضي إلى حكومة قد تفقد قراراتها و سلطتها و بنيتها في وقت قياسي . وهو في نفس الآن وضع يحبذه البعض لكونه كان سينتج معارضة قوية ، وهذا يعني أن بنكيران يريد إخراج حكومة بقيادته في غياب إستراتيجية مستقبلية ، ليفتح المجال السياسي على المجهول . هي مغامرة من اختياره ، فيبدو أنه يريد المجهول بعينه .
و الآن حين يعلن الأحرار و الاتحاد الاشتراكي و الاتحاد الدستوري و الحركة الشعبية بالتشبث بالحوار من أجل الدخول إلى الحكومة ، يقول رئيس الحكومة المكلف انتهى الكلام …
فماذا يريد بنكيران و حزبه من الحكومة المنتظرة كانتظار” المهدي ” أو “غودو” ؟ و هو يعلم حجم الانتظارات – أو قد لا يعلم أو يتجاهل –
فهل ما زال السيد بنكيران يراهن على إعادة الانتخابات ؟ و هل يعلم كلفتها ؟ و هل سيصوت الشعب مرة أخرى،ولو بالعدد القليل الذي صوت من قبل ؟
و هل سيتحمل مسؤوليته في هذا الهدر السياسي ، وما ترتب عنه من تجميد للبرلمان و للسيرورة التدبيرية للحكومة و المؤسسات ؟
شيء كالعبث يلف مشهدنا السياسي ، و الكل ينتظر . لكن حذار ، فحبل الانتظار بات قصيرا ، أكثر مما يعتقد بنكيران و أنصاره .