كشف الرئيس التركي، طيب رجب أردوغان، في ندوة صحافية، عن معطيات تفيد بأن «الغرب»، كما أسماه، لم يحترم التزاماته في سوريا، وقال إن لديه «أدلة مؤكدة بالصور والتسجيلات المصورة»، على أن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تقدم دعما لجماعات إرهابية في سوريا، بما في ذلك تنظيم «الدولة الإسلامية»، «داعش».
لم يتأخر رد الأمريكيين على هذه الاتهامات، حيث وصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر، تصريحات أردوغان، بأنها «مضحكة»، ولا أساس لها من الصحة. و ما يهم تسجيله في هذا الصدد، هو تبادل الاتهامات بين الحلفاء، حيث قال الرئيس التركي بأنهم كانوا يتهمون بلاده بدعم «داعش»، بينما هم الذين يدعمون هذا التنظيم.
فما هي خلفية هذا الجدل بين حلفاء خططوا واشتغلوا سوية لتدمير سوريا، بدعم وتسليح وتمويل ما يسمى بالمعارضة السورية المسلحة؟ لماذا يتبادلون التهم اليوم، بعد أن تحالفوا لزرع الجماعات المتشددة في سوريا؟
إذا كانت أطراف التحالف ضد النظام السوري تتقاسم نفس الهدف، وهو تدمير سوريا وإغراقها في حرب لانهاية لها، فإن التناقض الذي حصل مع تركيا يتعلق بالأكراد. ففي الندوة المشار إليها، اشتكى أردوغان من أنه بدلا من دعم تركيا، فإن الغرب يدعم وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي، اللذين يحظيان بدعم الولايات المتحدة على الأرض في سوريا.
هذا هو مربط الفرس، فالذي يهم تركيا، ليس هو مشكلة دعم «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى، التي ولدت من تنظيم «القاعدة»، لأن أنقرة هي التي لعبت الدور الأساسي في تزويدها بالمقاتلين وتقديم الدعم اللوجيستيكي، بل مشكلتها تكمن في الموقع الذي أصبح للأكراد في شمال سوريا، حيث يستعدون لتشكيل كيان شبه مستقل، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، التي يتهمها أردوغان بأنها «نكثت بوعدها» في هذه القضية، أي بعدم تزكية حصول الأكراد على أي مكسب سياسي وترابي في شمال سوريا.
حرص تركيا على مصالحها، هو الذي يدفعها اليوم إلى اتهام حلفائها، والبحث مع روسيا عن حل للمسألة السورية، عن طريق تشجيع مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة، لكن يبدو أن الولايات المتحدة لن تسهِّل هذه العملية، لأن مصالحها تقتضي استمرار الحرب في هذا البلد، وعدم القبول بهزيمة الجماعات الإرهابية التي شجعتها ومازالت تدعمها، باعتراف أردوغان نفسه.