عادت إشكالية الإشادة بالإرهاب إلى الواجهة، بعد البلاغ المشترك الذي أصدرته وزارتا الداخلية والعدل، بخصوص ما قام به بعض الأشخاص من تمجيد لاغتيال السفير الروسي، أندري كارلوف، في تركيا، لتُطرٓحٓ من جديد، العلاقة بين حرية التعبير والدعوة للعنف والقتل والكراهية…

فمن المعلوم أن هذه الإشكالية أصبحت تناقش باستمرار، في السنوات الأخيرة، بعد أن فرض السياق الدولي، المُتّسِمِ باللجوء المتزايد، من طرف جماعات وأشخاص، للعمل الإرهابي، وبعد الجدل الذي تثيره المواقف والآراء، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعية، التي تدافع عن العمل الإرهابي ومرتكبيه وتحاول تبريره وتسويغه.

ففي فرنسا، مثلا، عرف القانون الذي يجرم الإشادة بالإرهاب، تعديلات، سارت في اتجاه مزيد من التشدد، حيث أعطت وزيرة العدل السابقة، كريستيان توبيرا، تعليمات للنيابة العامة، بمزيد من الحرص على تطبيق القانون، تجاه كل ما يعتبر تمجيدا للإرهاب والعنصرية ومعاداة السامية. كما تم إدماج الفصول المجٓرٍمٓةِ للإشادة بالارهاب، التي كانت متضمنة في قانون الصحافة، في القانون الجنائي، وتم رفع أقصى عقوبة من خمس إلى سبع سنوات سجنا… وغيرها من المقتضيات، التي تسير في اتجاه التشدد، خاصة عند استعمال الأنترنيت ووسائل الاتصال العمومية…

وقد عرفت العديد من البلدان الديمقراطية وكذا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، جدلا كبيرا حول إشكالية الإشادة بالإرهاب، حيث طرح تساؤل كبير حول خطر المس بحرية التعبير، باسم محاربة الذين يمجدون العمل الإرهابي، لذلك أثيرت من جديد ضرورة إعادة النظر في تعريف «الإشادة»، بالإضافة إلى قضايا أخرى، من قبيل عدم التشدد في العقوبات الحبسية وغيرها من المحاذير الضرورية، لحماية الحريات الفردية والجماعية.

غير أن الاتجاه الذي يسود حاليا، بالنسبة للتعريف، هو أن الإشادة هي تقديم العمل الإرهابي، كفعل ذي قيمة، وتبريره كما لو كان نشاطا إيجابيا، بمختلف طرق التعبير، سواء بالتصريح أو بالتلميح. كما أن السياسة الجنائية المتبعة، في عدد من البلدان الديمقراطية، هي الوقاية من الإرهاب، بمختلف الوسائل و من بينها منع التعبيرات التي تمدح الأعمال الإرهابية أو تبررها، حتى ولو لم يؤدّ ذلك إلى ارتكاب أفعال إجرامية.

لقد سارت الإجتهادات نحو تجريم الإشادة بالإرهاب، إعتبارا لما يمكن أن ينتج عنه من خطر على المجتمع، و مَس بأقدس حق هو الحق في الحياة وكذلك بأمن الناس وحريتهم في العيش بأمان، واعتباره فعلا بعيدا كل البعد عن حرية التعبير، التي تنحصر في الآراء والمواقف التي لا تشكل تهديدا للأمن الفردي والجماعي.

 

الثلاثاء 27 دجنبر 2016.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…