مرة أخرى، تم إنعاش الذاكرة المؤلمة، بما حدث في مدينة العيون، بالصحراء المغربية، سنة 2010، عندما فككت السلطات المغربية، مخيم أكديم إيزيك، فهاجم الانفصاليون المدينة، وعاثوا فيها فسادا، وقتلوا أحد عشر جنديا، كانوا مكلفين بالحراسة، فقط. منهم من ذبح وتم التمثيل بجثته.
ثلة صغيرة، من أسر هؤلاء الضحايا، خرجت في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، للتعبير عن مطالبتها بالإنصاف، وتطبيق القانون، في حق المجرمين، بدون الخضوع لأي ضغط، كيفما كان نوعه ومصدره. ورغم قلة عدد المتظاهرين، فإن الرسالة التي تمكنوا من بعثها بقدر ما كانت قوية، بقدر ما كانت مؤلمة أيضا.
إنها ذاكرة مؤلمة، لعدة أسباب، أولها أن الأفعال الهمجية التي ارتكبها الانفصاليون، استبقت وحشية مجرمي «داعش»، في المشاهد اللاإنسانية التي صوروها أيضا وروجوا لها عبر الوسائط الإعلامية، وبذلك فإنهم لم يتصرفوا في حالة غضب طارئ أو مواجهة مع الجنود الضحايا، بل قتلوهم عن سبق إصرار وترصد وتخطيط.
ثانيها أن الحملة الإعلامية التي رافقت التغطية على هذه الجرائم، بالخصوص من طرف الصحافة الإسبانية، قلبت الحقائق رأسا على عقب، حيث أصبح الجلادون الانفصاليين ضحايا، واتهِم المغرب بإبادة الصحراويين، في عملية منظمة، نزلت فيها السياسة، وليس المهنة، بكل ثقلها.
ثالثها حصل عند محاكمة المتهمين، حيث حضر إلى المغرب، عدد من الصحافيين الأجانب وممثلي منظمات لحقوق الإنسان، من أجل المتابعة، غير أنهم تحولوا إلى نشطاء داعمين، للانفصاليين، وكان تحيزهم مستفزا، حيث كانوا يتوجهون للتعبير عن تضامنهم مع التظاهرة المنظمة لمساندة المتهمين، غير أنهم لم يتوجهوا يوما، طيلة أطوار المحاكمة، لمعرفة ما تعبر عنه التظاهرة المقابلة التي نظمتها أسر الضحايا.
هذه الذاكرة المؤلمة، لا تختلف عما خلفته هذه الحرب، بالوكالة التي تقوم بها الدولة الجزائرية، ضد المغرب، حيث احتفظ جنرالات هذا البلد، بالأسرى من الجنود المغاربة، لحوالي عشرين سنة، ضاربين بالقانون الإنساني الدولي، عرض الحائط، رغم أنه يلزم الأطراف المتحاربة بتبادل الأسرى، مباشرة بعد وقف إطلاق النار.
تحركات أسر ضحايا أكديم إيزيك، رسالة بليغة، لمن يريد أن يتذكر أن المغرب، يعيش حالة حرب، مع وقف إطلاق النار، بالرصاص الحي، لكن نيران المؤامرة متواصلة ومستمرة، لتقسيم أرضه، في محاولة لزرع كيان عميل لجنرالات المناولة الاستعمارية.