يقول تعالى- :” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا“
جرائم القتل العمد ذاث الخلفية السياسية والدينية والمذهبية تتشابه طرقها وظلامية افكار وتصورات مرتكبيها … فسواء كان وراءها من ينسب نفسه للاسلام او المسيحية او اليهودية او الوثنية او اللادينية فهدفهم واحد هو الاقصاء والترهيب للمختلفين معهم بقتل بعض الرموز والقادة البارزين لترهيب الاخرين وتخويف العامة ..كما يلتجؤون الى قتل اشخاص عاديين كانوا نساء او رجالا او اطفالا او عجزة جماعات جماعات باعتماد ابشع الطرق واقذرها من تصليب او ذبح او احراق او اعدامات فردية موثقة كما يفعل “الدواعش” و كما يحصل “ب ميانمار ” ..او قتل متدرج بالحصار والتجويع والترويع والاهمال …كما نرى تلك الافعال تطال بشكل متعمد وممنهج دور العبادة والاماكن التي لها قيمة ثراثية دينية , وثقاقية تاريخية , واحياء قديمها وجديدها , ومناطق خضراء وغابوية وفضاءات رياضية وترفيهية ..انها تهدف الى قتل ومحو الهوية المشتركة التي انتجت وبنت حضارات كبيرة تمتد لمئات القرون والتي اصبحت تجاربها ومعارفها وعلومها تشكل الشخصية المعاصرة اليوم في مجتمعاتنا ..فاصبحت امتنا تقدم للشعوب الاخرى على انها ليست كما يقول ديننا جاءت لاخراج الناس من الظلمات الى النور ..بل لاغراق الناس في ظلمات الجهل والتطرف والكراهية والحقد …
فاين هؤلاء من قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} الحج40.
ان ما نراه ونسجله في العديد من الدول وخاصة الشرق الاوسط من سوريا والعراق واليمين و..امر لايمكن ان يقبل به الذي نساله ونبتهل اليه ب ” باسم الله الرحمن الرحيم” والذي ارسل الانبياء والمرسلين ليعلموا الناس ويرشدوهم وليزرعوا الرحمة في القلوب ..ولم يبعثهم ليرهبوا ويشردوا ..ولا ليفسدوا في الارض ويتلفوا الزرع والحرث والنسل …والذين رغم سلميتهم ورحمتهم حوربوا وقتل العديد منهم وتعرض الاخرون لكل انواع التعذيب من اقوامهم فكان مرتكزهم في ممارسة الارهاب على الانبياء انهم كفروا بالهة قومهم وخرجوا عن نهج ومعتقدات الاباء والاجداد ..
قال تعالى ..((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) آل عمران
ومن هنا يحق لنا ان نتساءل ..ما الذي جرى ويجري في امتنا التي اصبحت لاتعيش الا على كوابيس وكوارث والام لاتحصى تخرب كل ما هو جميل فينا من طمانينة وسكينة ووقار وامن ..؟ ومن وراء عمليات القتل والتقتيل والتخريب واشعال الفتن وتغذيتها بالاموال والسلاح ودعمها بوسائل اعلامية وحتى استخباراتية متعددة ؟ولماذا يربط كل ذلك باسم الدين ؟
ان الذين يدعون انهم جاؤوا ليقيموا ويطبقوا شرع الله في الارض هم اول من يتعارض ويخرق قواعد الرحمة الالهية التي لخصها سيدنا محمد (ص) في …(الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء … ) …انهم يسجلون في التاريخ احداثا توثق افعالهم واقوالهم وممارساتهم والتي يستنكرها ويتقزز من ذكرها كل من زرع الله في قلبه ذرة رحمة ..وسيقدمون في كتابهم غدا امام العدالة الالهية اكبر الاساءات للرسالات السماوية وللبشرية …ويكفينا ان نتامل القران الكريم وحتى بعض الاسفار لنجد كيف وثق الوحي ووصف اجرامهم وترهيبهم ..
ان الدين والعقل لا يسمح لاي كان حتى ولو كان حاكما ان يقتل لاكراه الناس والمعارضين والمخالفين وحتى الرافضين للايمان بدين الحاكم او المذهب او الطائفة ايا كان الدين ..لان الايمان والحب قلبيين وعقليين متكاملين …فالله الرحمن الرحيم لم يفوض لاي كان ان ينصب نفسه سفاكا للدماء وجلادا ومنتهكا للحرمات وقاطعا للارحام ومسيئا للرسالات وسالبا للحريات ومعطلا للافكار والابداع ومناهضا للتقدم والتطور والحداثة …
فهل يعتقد البعض من هؤلاء واولئك ان افكارهم واوهامهم وقراراتهم واختياراتهم “السياسية ” بمثابة اضافات مكملة للتشريع الالهي والضامنة لنصرته فيعتبر المخالف لهم خارجا عن الملة والدين …
لقد كان السبق للبعض في شرق العالم الاسلامي وغربه وفق “مذاهبهم” التكفيرية والاستئصالية بالالتجاء للترهيب بالقتل بكل الوسائل للمفكرين والمعارضين والمخالفين لساساتهم حيث كشفت حقائق عن هوياتهم ومن كان وراءهم ومن ساندهم لتجنيد عصابة استغلت بالمغرب عفوية عمر بنجلون ليستوقفوه امام بيت عائلته بمبرر سؤاله ليصبح في عداد الشهداء . في واضحة النهار يوم 18 دجنبر 1975 .
انه مناضل وطني وسياسي ونقابي ومفكر متميز طبع حياته القصيرة بقوة الايمان والارادة وحسن الدفاع عن الوطن والشعب المغربي من اجل بناء دولة المؤسسات والحق والقانون …متصفا بالزهد في المناصب او الامتيازات والمصالح..كان رحمه الله مدرسة في النضال والفكر والتاطير ..
انه تعرض للاعتقال والتعذيب والمحاكمة وما تخلى عن مبادئه ونضاله سنة 1963 ..وحكم عليه بالإعدام يوم 14 مارس 1964 ..واختطف سنة 1965 ..ثم اعتقل سنة 1966..وارسل اليه طرد ملغوم 3 يناير 1973 سلمه الله منه ..اعتقل ورفاقه يوم الجمعة 9 مارس 1973، وأطلق سراحه في 26 غشت 1974 بعدما أعلنت المحكمة العسكرية براءته…
ان المدخل الرئيسي للقضاء على الارهاب والترهيب والحد منه وايقاف تسربه لبعض العقول الضعيفة كمذهب او منظومة فكرية ريعية نفعية تبتغي التحكم في الجميع بالسلطة والاستعباد هو العلم والمعرفة والوعي بالقضاء على الامية بكل انواعها وتنوير عقول الناس وتسليحهم بالمنطق والعقلانية والمحبة واحترام الاختلاف والتنوع.. وضرورة عدم الاستهتار والاستهانة بما يحصل ومانراه ” فمعظم النار من مستصغر الشرر …”
..ان الذين يقبلون ويتواطؤون مع حالات الانفلات في الفهم والارادة سياتي من يكفرهم ويعمل فيهم مثل ما يعملون فيقتل بعضهم بعضا بنفس العلة ونفس المرجعيات ..وهذا يحصل في العديد من الدول وتمتد اثاره الى دول اخرى وحتى الى اوروبا وغيرها … ليصدق عليهم جميعا قوله صلى الله عليه وسلم((: “إذا التقى المسلمانِ بسيفَيْهما فالقاتل والمقتول في النار” قلت: يا رسول الله هذا القاتِل فما بالُ المقتول؟ قال: “إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه”)).
الخميس 15 دجنبر 2016.
* ولد عمر بنجلون سنة 1936.كان ريئسا لجمعية الطلبة المسلمين لشمال افريقيا ..قيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي اخر مسؤولية له قبيل اغتياله انتخابه عضوا بالمكتب السياسي لحزبه يناير 1975.وكان مديرا لجريدة المحرر وليبيراسيون .