من بين الأشكال الجديدة، التي ظهرت مؤخرا، في عالم الدعاية عبرالأنترنيت والشبكات الاجتماعية، ما يسمى «Fake news « أي الأخبار الكاذبة، وهي عبارة عن وكالات وجرائد إلكترونية، تتخصص في اختراع أخبار غير صحيحة، عن قضايا وموضوعات وسياسيين، وتلفق لهم التهم، وتثير حول تصرفاتهم الشكوك والريبة، أو تمجدهم وتنسج حولهم قصصا خيالية.
وقد تطورت هذه الشبكات، خاصة خلال السنة الحالية، وبالخصوص في بعض البلدان، مثل رومانيا ومقدونيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح لها تأثير واضح، حتى في صحف ووسائل إعلام مهنية، عالمية، سقط البعض منها في تصديق بعض الأخبار التي أصدرتها وسائط fake news ، مما دفع بعدد من الصحف الكبرى، إلى فتح تحقيق في منشإ هذه الوسائط، و من يقف وراءها وأهدافها… بل إن بعض أجهزة الأمن في دول أوروبية، دخلت على الخط، أيضا من أجل الكشف عن واضعيها وأهدافهم…
وتُعتبر هذه الوسائط التي تنشر الأكاذيب، خطرا على الديمقراطية، لأنها تُمارس التضليل، في حق الرأي العام، لذلك قامت حملة ضدها، وصلت إلى درجة مساءلة مارك زوكربرغ، الذي أنشأ الفايسبوك، حول النتائج العكسية، التي يمكن أن يؤدي إليها الفضاء الأزرق، الذي خُلق في البداية من أجل تسهيل التواصل بين الناس وتطوير حرية التعبير، وتمت مطالبته بوضع برنامج لتصفية الأخبار الكاذبة، مثلما يصفى الإشهار الكاذب.
وتعتمد تقنية الأخبار الكاذبة، على تخصص مجموعة من الناس، الذين يرابطون، ليل نهار، على قصف الأنترنيت وشبكات التواصل بالأخبار الكاذبة، ونشرها وبثها، وكأنها عمل صحافي مهني، بأهداف وخلفيات سياسية، تقف وراءها مجموعات مصلحية، مالية وسياسية وإيديولوجية، أومخابرات بلدان معينة، لتحقيق غايات مرسومة. التقنية ليست جديدة، فقد استعملت منذ القدم، في إطار الدعاية السياسية والعسكرية، وتطورت كثيرا في الحرب العالمية الثانية، وخلال الحرب الباردة.
ما حصل في السنوات الأخيرة، هو ظهور الفضائيات، مثل الجزيرة، التي تميزت في هذا النوع من التضليل الصحافي، خدمة لأهداف التحالف القطري/الأمريكي، لصالح حركة «الإخوان المسلمون» والجماعات الإسلامية المتشددة، وتلاها بعد ذلك الدور الذي يلعبه اليوم الأنترنيت والشبكات الاجتماعية.
تقنية الأخبار الكاذبة، تختلف عما سمي بالكتائب الإلكترونية، والتي تتمحور حول تخصص مجموعة من الناس، بالتعليق على الأخبار، انطلاقا من أفكار جاهزة وخلفية مسبقة إيديولوجية وسياسية، منظمة ومنسقة بشكل مركزي، لتوجيه الرأي العام، بل هي «صحافة كاذبة» من المبدإ إلى المنتهى. ورغم التشابه مع تقنية الكتائب الإلكترونية، فإن fake news، أسلوب أخطر لتضليل الشعوب يستعمل كثيرا من طرف أعداء الديمقراطية.