من الصعوبة بمكان على أي شخص أو هيئة أو حتى دولة، أن تعبر عن موقف حاسم وقطعي، في الملف السوري، إذا كان المنطلق هو احترام القيم الأخلاقية ومبادئ حقوق الإنسان، لأن ما يحصل في هذا البلد معقد، حيث إن المصالح والمعطيات متداخلة، كما أن الآلة المرافقة للحرب، تضبّبُ الرؤية، إلى حد كبير.

فهناك من جهة نظام ديكتاتوري، يمثله بشار الأسد، تدعمه روسيا أساسا، وهناك معارضة مسلحة، هي مزيج من تنظيمات إرهابية ومتطرفة، تدعمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا ودوّل الخليج العربي. والنتيجة الواضحة لهذا الصراع اليوم، هي سقوط الضحايا من المدنيين، وتشريدهم ، والدمار المتواصل للبلد.

وفي حالة انتصار ما يسمى بالمعارضة السورية، التي تتشكل، أساسا، من «داعش» و من تنظيمات متفرعة عن «القاعدة»، فإن السيناريو المنتظر، ليس هو خلاص الشعب السوري، بل على العكس، هو استمرار معاناته، نظرا للتجربة المأساوية، التي عاشها المدنيون، تحت سلطة هذه التنظيمات في كل المناطق التي سيطرت عليها.

هناك أسئلة كبرى يتجنب المعادون للنظام السوري وللتدخل الروسي في هذا البلد، الخوض فيها، مثل؛ ماهي ضمانات صيانة وحدة الأراضي السورية، في حال انتصار المعارضة المسلحة وإسقاط نظام بشار؟ كيف سيكون شكل النظام الجديد، هل سيحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ ألن تعلن في هذا البلد، كذلك، الخلافة الإسلامية؟ هل ستتمكن التنظيمات المختلفة، من «داعش» و «القاعدة»، التعايش أم سيستمر التناحر بينها، كما يحصل الآن باستمرار؟
من الأسئلة الكبرى، التي لا يتم الرّدُ عليها، كذلك، هي، هل الدول التي تساند مايسمى بالمعارضة المسلحة، في سوريا، تريد الديمقراطية لهذا الشعب؟ هل دول الخليج، التي تدعم هذه المعارضة، تقوم بذلك لأنها ديمقراطية، وتؤمن وتطبق مبادئها وتلتزم بحقوق الإنسان، أم أن لها أهدافا أخرى، محكومة بالاستراتيجية، الأمريكية/الغربية في المنطقة؟

حقيقة، إن الضحية الأولى، لهذا الصراع الجيواستراتيجي، بين روسيا والصين، من جهة، وأمريكا والغرب، من جهة أخرى، هو الشعب السوري، غير أن الحل يوجد في أيدي الذين يساندون المعارضة المسلحة المتطرفة والإرهابية، أو ما يسمى بالجهاديين، حيث يمكنهم رفع الدعم عنهم، تسهيلا لعملية التفاوض السياسي، وإنقاذا للمدنيين، الذين تتخذهم هذه التنظيمات دروعا بشرية.

التناقض الصارخ في موقف الذين يدعمون الجهاديين، الذين يتشكلون من مختلف الجنسيات العربية، هو أنهم مرفوضون في بلدانهم، الأصلية، وفي الدول الغربية، حيث يعتبرون «إرهابيين»، لكنهم يُسمّوْنٓ في سوريا، «معارضين».

الجمعة 09 دجنبر 2016.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…