كان من المفيد جدا أن يقدم رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين، عمر عزيمان، توضيحات، عبر وسائل الإعلام العمومية، بخصوص ما سمي بالتراجع عن مجانية التعليم، لأن الخبر الذي تم تعميمه، بخصوص التوصيات التي أصدرها، أثار ردود فعل قوية، من طرف عدد من الفاعلين في الساحة السياسية والنقابية والجمعوية، وبين فئات واسعة من المواطنين، كما بدا ذلك واضحا من شبكات التواصل الاجتماعي.
وظهر من خلال تصريحات عزيمان، أن المجلس ربما ارتكب خطأ في التواصل، رغم أن هناك من يعتبر أن الهدف من تسريب الأمر بذلك الشكل، كان هدفه وضع مسألة التراجع عن المجانية، في الاختبار. لكن الأهم من كل هذا هو الجدل الذي أثارته هذه القضية، والذي أبان عن التعقيد البالغ للموضوع، وأن مسألة الرسوم ليست هي القضاء التام عن المجانية، كما أن الاختزال الذي وقع فيه النقاش، تجاهل القضايا الكبرى المتمثّلة في الجودة وتكافؤ الفرص واللغات ومضامين التعليم… وغيرها من القضايا الجوهرية.
وكان من الطبيعي أن تعبر بعض الأحزاب عن موقفها، إما بتصريحات رسمية أو عبر وسائل إعلام مرتبطة بها، غير أن الزلة التي سقط فيها عزيمان، متعددة الأوجه،
أولها أن من حق أي حزب أن ينتقد تفعيل المنظور العام للإصلاح، في بعض جوانبه، خاصة عندما يترجم في صفة قانون إطار، إذ لا يعني أن الاتفاق على الرؤية العامة، هو توقيع شيك على بياض، في الجوانب الإجرائية والتنظيمية والمالية.
ثانيها أن الأحزاب تختلف في توجهاتها كثيرا، والتقليد الذي تم نشره وهضمه، في المغرب، بالإشارة إلى «الأحزاب»، بهذه الصفة التعميمية، غير علمي، وغير واقعي، فكان على عزيمان أن يوضح من هو الحزب الذي يقصد، وما هي مؤاخذاته عليه، تنويرا للرأي العام، وتجنبا لتعميم يضر بصورة الأحزاب. ثالثها، السقوط في موضة تلبيس التهمة دائما ل»لأحزاب»، في كل ما هو سلبي، علما بأنه لا يمكن تصور بناء ديمقراطي، بدون وجود أحزاب، لذلك لا يمكن تٓقٓبّلُ تبخيس صورتها وأدوارها من طرف مؤسسة دستورية. موضوع المجانية، خاصة، والتعليم، بصفة عامة، قضية كبرى، تستحق النقاش الوطني العميق، والأحزاب جزء في هذا النقاش، لذلك ما جاء في تصريحات عزيمان عنها كان كلاما زائدا.