إدريس لشكر في مجلس جهوي موسع بالقنيطرة .. أقول لبنعمر والعزيز ومنيب إننا في الاتحاد الاشتراكي سعداء بإعلانكم الرسمي الالتئام في فيدرالية

الحسين بوخرطة

تحت إشراف الكاتب الأول إدريس لشكر، وبحضور عضوي المكتب السياسي محمد الدريوش وفتيحة سداس، انعقد يوم السبت 15 يونيو 2013 على الساعة الخامسة والنصف مساء, مجلس جهوي موسع بمدينة القنيطرة عاصمة جهة الغرب الشراردة بني احسن.
بعد الترحيب بالكاتب الأول وأعضاء المكتب السياسي وكل أعضاء الأجهزة الحزبية بالجهة, ومناضلي كل من الحزب العمالي والحزب الاشتراكي الحاضرين، ابتدأ الكاتب الجهوي بوبكر لاركو كلامه بالتعبير عن الحاجة إلى التعبئة والانفتاح والاستجابة التنظيمية القوية للمجهودات التي تبذلها القيادة الحزبية الجديدة. كما جرد بالمناسبة كل الخطوات التنظيمية التي أشرفت عليها الكتابة الجهوية منذ انتخاب الأجهزة الوطنية للحزب، وأعلن عن توفر الكتابة الجهوية على جدولة زمنية لإتمام تجديد أو تأسيس الفروع وتأسيس الكتابة الإقليمية بسيدي سليمان. كما خصص جزء من تدخله للوقوف على مجموعة من الخروقات والاختلالات في المدار الحضري لمدينة القنيطرة, وعلى رأسها تفويت الأراضي للموالين لرئاسة المجلس البلدي، وتبديد أكثر من ملياري سنتيم لصالح أحد الشركات. كما أشار للمشاكل التي تعيشها مدينة سيدي سليمان خاصة أسلوب «البلطجية» الذي ينهجه المجلس البلدي في شخص رئيسه للتضييق على المناضلين وتخويفهم. كما استحضر كل ما تعرض له أعضاء مكتب فرع سيدي سليمان من مضايقات وتهديدات من رئيس المجلس ومن تواطؤات لبعض الأجهزة الإدارية والأمنية. وفي هذه النقطة بالذات ذكر لاركو الحضور بالموقف الدائم للحزب في هذا الأمر والذي يتجلى في نضاله الدائم من أجل الوصول إلى تحقيق التزام الإدارة والسلطات الجهوية والإقليمية والمحلية وأجهزة الأمن بالحياد الإيجابي.

مسار الاتحاد
وبعد إعطائه الكلمة، ابتدأ الكاتب الأول إدريس لشكر كلامه بتقديم الشكر على تنظيم هذا المجلس الجهوي الموسع، وبتذكير الحضور بالدور النضالي الكبير لمدينة القنيطرة. وقال في هذا الصدد، أنه كلما أتيحت له الفرصة لزيارة هذه المدينة، يجد نفسه في وضع اضطراري لاستحضار الرصيد النضالي الكبير للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فيها بآلامه وتضحياته الجسام. وأضاف أن من يريد كتابة تاريخ الاتحاد ما عليه إلا أن يعود إلى سجلات السجن المركزي بالمدينة، تاريخ خلد بكل المقاييس التضحيات الجسام للمناضلين الاتحاديين من أجل الديمقراطية والحرية والمساواة والكرامة. وعليه، يقول لشكر أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة القنيطرة، وفي كل المدن المغربية، هو الحزب الوحيد الذي أغنى القاموس السياسي المغربي بالمصطلحات السياسية المتداولة وطنيا، والمرتبطة بالنضال من أجل المشروع المجتمعي والسياسي الذي يؤمن به ويأمل في استكمال ملامحه بشكل رسمي في المستقبل القريب، ملامح تحدد أفق طبيعة الدولة التي ناضل باستمرار من أجلها وقدم في شأنها ضريبة ثقيلة يعلمها الجميع. وسيرا على نفس النهج، كان الاتحاد ولا يزال القوة السياسية التي تفتخر بالتضحيات الجسام لمناضليها وما ترتب عنها من مكتسبات وعلى رأسها تحقيق المصالحة السياسية بالبلاد، وتوسيع مجال الحرية الذي أعطى لحراك الشباب المغربي قيمة مضافة سجلت بخط بارز في سجل النضال بالمغرب المستقل. إن الإتحاد، بالقيمة الرمزية الكبيرة لفاتورة نضالاته التاريخية، كانت له دائما الريادة في صنع هذا القاموس الغني بالمصطلحات السياسية والحقوقية المرتبطة بالنضالات اليومية للاتحاديات والاتحاديين، والتي كان لها وقع جد إيجابي على حياة المواطنين، وعلى مسار الانتقال الديمقراطي السلس الذي توج بالمصادقة الشعبية على دستور 2011. أكثر من ذلك، يقول لشكر، فهذا السجل الاتحادي، بقاموسه الغني، يعد اليوم المقياس الأساسي للمقاربات التقييمية للمسار النضالي من أجل الديمقراطية والحرية بالمغرب. كما أشار إلى صعوبة تأريخ الأحداث السياسية ببلادنا منذ الاستقلال بدون استحضار هذا القاموس الذي يبقى رهن إشارة المؤرخين والباحثين للوقوف على مساهمة القوى السياسية من أجل الوطن وبناء المؤسسات. إنه سجل نضالي ضخم ومرجع أساسي للقيم النضالية لكل الاتحاديين والاتحاديات في كل جهات المملكة. فلا يمكن أن يمر المناضل عن مدينة القنيطرة بدون أن يتذكر الالتزام النضالي لرجال القانون من محامين ونقباء، وعلى رأسهم المرحوم جواد العراقي، واستماتتهم في الدفاع على المعتقلين السياسيين ودعم عائلاتهم والتخفيف من معاناتهم. كما تعد مدينة القنيطرة، المجال الحضري البارز مغربيا في سجل نضال الرموز الاتحادية وعلى رأسهم المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، ومحمد اليازغي، وعبد الواحد الراضي. لقد كانت القنيطرة مدينة المعارك السياسية الكبرى بالنسبة لحزبنا، معارك خرج منها الاتحاد دائما منتصرا. كما ذكر لشكر بالمعارك البطولية المتعددة في جهة الغرب الشراردة بني احسن، وعلى رأسها معركة الفلاحين، وتضحيات العمال الزراعيين، وبالمعارك الحقوقية التي قادها المحامون والنقباء والتنظيمات النقابية، وبالروح التضامنية التي ميزت السلوك النضالي الاتحادي. وعليه، طلب لشكر من الحضور الدعوة للمناضلين الذي فقدناهم بالرحمة والمغفرة, راجيا من الله عز وجل أن يسكنهم فسيح جناته. وهنا استحضر الكاتب الأول المرحوم بنحمو الذي قضى زمن الاستعمار أربع سنوات نافذة في السجن، كما حوكم بعد ذلك بالإعدام وقضى خمس عشرة سنة في الاعتقال التعسفي.
وبخصوص التقدم في تحقيق المكتسبات الدستورية والسياسية وتراكمها، اعتبر لشكر الحراك المغربي، المتزامن مع ما يعرف بالربيع العربي، ما هو إلا استمرارا لمسار نضالي ابتدأ من الحراك من أجل استقلال البلاد (المقاومة المسلحة)، وتجدد عبر المراحل السياسية منذ الاستقلال إلى أن وصل إلى حلة جديدة ساهم فيها الشباب الاتحادي بقوة، وتوج بمصادقة الشعب المغربي على دستور جديد متقدم ديمقراطيا. وبذلك، يتضح جليا أن البلاد عاشت طيلة خمسة عقود مراحل سياسية صعبة تميزت بعمليات تجديد الحراك والنضال في مختلف الواجهات. لقد عرف هذا المسار النضالي منعطفات عديدة منذ 1956، وخاصة بعدما خرجت الحركة الوطنية مختلفة حول طبيعة النظام وطبيعة المشروع المجتمعي الذي يستحقه أبناء الشعب المغربي. فالاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لم يكونا يعتبرا الدولة مجرد إدارة وأمن وجيش نظامي ومؤسسات مركزية بتمثيليات ترابية فقط، بل اعتبرا مبكرا أن الدولة التي يستحقها المغاربة، أبناء رجال المقاومة وجيش التحرير، هي الدولة الديمقراطية الحداثية.

الانتقال الديمقراطي
وباستحضار كل هذه التضحيات، التي ميزت المسار التاريخي لبناء الدولة المغربية، اعتبر الكاتب الأول الهدوء الذي ميز ويميز مسار الانتقال الديمقراطي بالمغرب ما هو إلا ثمرة نضالية من صنع الاتحاد، ثمرة تراكم الأحداث في الماضي والحاضر. إنه انتقال سياسي، بخصوصية مغربية، أبان عن تميز بلادنا عما يجري في دول المشرق العربي وباقي دول شمال إفريقيا.
وفي ختام هذا الجزء من مداخلته، قال لشكر أن استحضاره لهذا التاريخ الزاخر بالبطولات النضالية ليس الغرض منه التذكير بها وانتهى الأمر، بل أكد أن استحضاره لها في هذا الوقت بالذات هو رسالة سياسية لكل الاتحاديين والاتحاديات، الغاية منها التذكير بالمواقف النضالية الشجاعة للأجيال الاتحادية المتعاقبة، وفي نفس الوقت إعلان عزم القيادة الحزبية الجديدة، منذ تحملها المسؤولية، على إرجاع الاتحاد إلى عنفوانه وإلى جماهيره وإلى المجتمع برمته.
وبعد ختمه للجزء الأول من مداخلته، قال : «أن من يتساءل لماذا هذا الحرص على عودة الاتحاد إلى واجهة المعارك النضالية في المجتمع، أقول له، أننا كاتحاديين نحس اليوم بخيبة الأمل, لأن ما وصلنا إليه بنضالاتنا بضرائبها القاسية، تم الانقضاض عليه من طرف المحافظين. إن تحويل الصراع إلى المجتمع والإقرار بالآلية الديمقراطية في التداول على الحكم كانت له نتائج معاكسة لما كنا نطمح إليه. إن ثمار هذا الرصيد النضالي جنته بشكل مجاني التوجهات المحافظة، وتسعى من خلاله، بكل ما لديها من قوة، إلى الوصول إلى وضع يمكنها من فرض الأمر الواقع من خلال التحكم في الدولة والمجتمع. بالطبع، يقول الكاتب الأول، إذا كان تراجعنا التنظيمي سببا في ذلك، فلا يمكن أن نغض الطرف على الدعم الخارجي للمحافظين الخاضع لحسابات جيوستراتيجية معروفة. وأضاف، أن الإيجابي في هذه الخيبة أنها لا تعنينا لوحدنا، بل تعني على المستوى الوطني كل أطياف اليسار، وعلى المستوى الإقليمي كل القوى الديمقراطية الاجتماعية، وعلى المستوى الدولي كل الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية.
وفي هذا الصدد، وهو يوجه كلامه إلى كل من يهمه الأمر, من منبر مقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بالقنيطرة، قال: «أخبركم أننا، إضافة إلى انشغالنا اليومي ببناء الحزب تنظيميا والحرص على ربط كل أنشطته بالمجتمع من خلال الحرص على تطبيق مبدأ القرب، فإننا في نفس الوقت كثفنا اتصالاتنا بشكل دائم مع القوى السياسية الديمقراطية الاجتماعية في المشرق العربي وفي باقي دول شمال إفريقيا من أجل التنسيق وبلورة الصيغ الناجعة للعمل المشترك». وفي هذه النقطة بالذات، أشاد الكاتب الأول بالمجهودات التي يقوم بها الحزب من أجل إنجاح لقاء الرباط التأسيسي للمنتدى الديمقراطي الاجتماعي العربي خلال نهاية هذا الشهر. كما شدد على ضرورة أن يتحمل كل الاتحاديون مسؤولياتهم في هذه المرحلة الحساسة، مرحلة البناء ومرحلة الصراع من أجل الحداثة والنضال من أجل تحقيق التأويل الديمقراطي للدستور الجديد، وبالتالي الوصول إلى ما نطمح إليه جميعا، وهو ترسيخ الديمقراطية الاجتماعية والعقلانية بقيم الحرية وحقوق الإنسان الكونية، والنضال من أجل إسقاط الفساد بدون حسابات سياسية انتقامية، والحق في الحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، كقيم راسخة وتاريخية ناضل الاتحاديون باستمرار من أجلها.

السوق الانتخابية
وأضاف لشكر في نفس السياق: « كلكم تتابعون التطورات الوطنية والإقليمية بعد هذا التتويج غير الطبيعي الذي أوصل المحافظين إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، وكلكم تتابعون عجزهم الواضح في تدبير الشأن العام والاستجابة لمتطلبات وانتظارات شعوب المنطقة. وعليه، فقد عبرنا لإخواننا في المشرق والمغرب العربي أن مبادرة تأسيس المنتدى، كإطار للتنسيق والتعاون السياسي للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية العربية، تعد من ضمن المبادرات الأساسية المتناغمة في العمق مع شعارات حزبنا الراهنة، والرامية إلى النضال وطنيا من أجل ترسيخ مقومات المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، وفي نفس الوقت التعاون مع الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية إقليميا من أجل تقوية التنسيق والدعم المتبادل لتعميم هذا النموذج المجتمعي, وفي نفس الوقت مواجهة الفكر التقليدي بكل أطيافه وكل أشكال الاستغلال المادي والروحي للمجتمع أفرادا وجماعات، وبالتالي تفنيد مرتكزات مشروع القوى الظلامية الوهمي.
وفي الجزء الثالث من مداخلته، ذكر الكاتب الأول الحضور بالقرار الوطني الشجاع الذي اتخذه الحزب سنة 1998 من أجل إنقاذ البلاد من السكتة القلبية. وأضاف أنه بعد عقود من النضال من أجل الديمقراطية والحرية بتضحياتها الجسام، لبى المقاوم عبد الرحمان اليوسفي نداء الوطن وتحمل مسؤولية قيادة حكومة التناوب التوافقي، و راكم خلال خمس سنوات من الممارسة الحكومية حصيلة سياسية استحسنها الشعب المغربي وجعلت الحزب يتبوأ المرتبة الأولى في الاستحقاقات التشريعية سنة 2002. ودعا الاتحاديين والاتحاديات أن يفتخروا بما أنجزه حزبهم للوطن, سواء عندما كان في المعارضة أو عندما شارك في الحكم. كما عبر لشكر عن اعتزازه بالقرار السياسي الذي اتخذه المجلس الوطني والذي حسم من خلاله مسألة العودة إلى المعارضة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة. إنه قرار سياسي ناضج ومسؤول عبر من خلاله الاتحاد عن عزمه الإسهام بقوة في خلق نوع من الفرز السياسي على أساس مشاريع مجتمعية متباينة. وعندما نتحدث عن المسؤولية في هذا الشأن، يقول لشكر، نعني بذلك خلق القناعة الراسخة عند الاتحاديين والاتحاديات بصفة خاصة والمواطنين بصفة عامة, أن الاتحاد لا تهمه الكراسي بقدر ما يهمه الوطن والإسهام في إجلاء الغموض على الفعل السياسي ببلادنا، وأن عدم انخراطه في حكومة يقودها الحزب الأغلبي المحافظ هو قرار جسد بجلاء استقلاليته وفند كل خطابات ورسائل التغليط والتشويش على مستقبل السياسة بالمغرب. فرجوع الحزب إلى المجتمع، يقول لشكر، هو قرار حزبي سيادي أساسه الحرص على استدراك التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، ويحول في نفس الآن دون تركه عرضة للشبكات العنكبوتبة المصلحية الفاسدة والعقائدية. وأضاف في هذا الشأن أن الحزب، بمفكريه وباحثيه، كانت له الريادة في التنبؤ بالتحولات السوسيو-مجالية والديمغرافية للمجتمع المغربي والتي كان أبرز سماتها اتساع هوامش الحواضر بشكل لافت وتحويلها إلى سوق انتخابية للشبكات العنكبوتية السالفة الذكر. إنها تحولات ساهمت في تكريسها سياسات التقويم الهيكلي وتوالي سنوات الجفاف. إنها اعتبارات حولت المواطن العادي في هوامش المدن والقرى إلى «محروم» معرض للاستغلال «الانتخابوي» من طرف زبانية الانتخابات وأعيان المدن الذين اغتنوا في غالب الأعيان بطرق غير مفهومة ومشبوهة إلى درجة أصبح مستقبل السياسة في البلاد مرهونا بمدى استعداد الجميع لتحمل المسؤولية بروح وطنية لحماية أبناء هذه البلاد من الاستغلال، وبالتالي عودة المغرب إلى مقومات بناء الدولة الوطنية الديمقراطية بقيم سياسية نبيلة.
في الجزء الرابع من مداخلته، دعا لشكر المواطنين إلى التأمل في عجز الحكومة الملتحية. فإضافة إلى تدهور كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وعرقلة مسار الانتقال الديمقراطي من خلال تعمد البطء في إصدار القوانين التنظيمية والمراسيم والتشريعات المختلفة الكفيلة بربط بنود وفصول دستور 2011 الذي صادق عليه المغاربة بالممارسة الديمقراطية الحداثية، تتبع الكل مجموعة من الخروقات والاختلالات في عمل ممارسة وزراء حزب العدالة والتنمية، والتي ذكر منها:
* تفويت أراضي موجودة في مواقع إستراتيجية بمدينة القنيطرة لأحد الموالين للحزب،
* طرد 1500 عامل بأحد شركات النقل البحري التي يملكها أحد نواب البيجيدي، وتعريض عائلاتهم للضياع والتشرد، وحرمان المغرب من أسطوله لنقل المواطنين بين ضفتي المتوسط، مما ترتب عنه ارتفاع سعر التنقل بالنسبة للمواطنين المغاربة بين الضفتين ذهابا وإيابا.
* عدم إصدار الحكومة لأي قانون ولا لأي إجراءات لمحاربة الفساد، بل تجرأ وزراء البيجيدي على استعمال مراكزهم الوزارية باختصاصات دستور 1996 من أجل الانتقام من المنافسين السياسيين.
* عرقلة المبادرات التشريعية للمعارضة وعلى رأسها عرقلة مقترح قانون خاص بإحداث قضايا الدولة, والمتكون من أزيد من 150 فصلا. إنه عبارة عن مقترح قانون متقدم، جسد التجربة السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتم اقتراحه في إطار دعم الترسانة القانونية الضخمة التي أصدرتها حكومة التناوب التوافقي من خلال إضافة ضوابط جديدة لمواجهة العديد من الإختلالات والتلاعبات في مجال تفويت الأراضي والعقار والمؤسسات….
* عرقلة المهام التشريعية للبرلمان والدور الدستوري للمعارضة بشكل مقصود وبأبعاد سياسوية ضيقة: في هذه النقطة بالذات تتبع المغاربة كيف واجه رئيس مجلس البرلمان مؤخرا رئيس الحكومة بشكل رسمي بعبارة «لا تقومون بواجبكم…وتقومون بعرقلة التشريع». كما لاحظ المتتبعون استهتار رئيس الحكومة بالبرلمان عندما سئل عن « قانون الحق في المعلومة» وأجاب :»سنبعثه إلى البرلمان لتبنيه»، مختزلا بذلك دور البرلمان في تبني القوانين وليس مناقشتها وإغنائها واقتراح جزء كبير منها. كما تابع الجميع تطورات ملف «مرسوم المساعدة القضائية» ومعركة المحامين مع وزير العدل. فبالرغم من نضالات القوى الديمقراطية، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أجل تحديد مدة إصدار القوانين في مدة محددة، والتي تم تحديدها في شهر واحد، يفاجأ الرأي العام ب»الخرجة» الإعلامية لوزير العدل والتي قال فيها أنه اتصل بالأمين العام للحكومة لتوقيف النشر وكأنه من مؤيدي تحويل «الأمانة العامة للحكومة» إلى ثلاجة للقوانين المصادق عليها من طرف الحكومة أو البرلمان كما كان في السابق.
* الغريب كذلك أن مجلس الحكومة لم يعر أي اهتمام لمقاطعة المعارضة للجلسة الشهرية الدستورية مع رئيس الحكومة. أكثر من ذلك اختار رئيس الحكومة أحد أنشطة أجهزة حزبه قائلا ما مفاده أنه لا يحتاج إلى الدروس من أحد، وأنه لن يتنازل لهؤلاء (بدون تحديد اسم المعارضة)، وأن الدستور ينص على النسبية… وبذلك فقد قام بتأويل كلمة «النسبية» بمنطق حزبي ضيق بالرغم من ارتباطها بعملية انتخاب مجلس النواب.
* انشغال رئيس الحكومة ب»هوس» التعيينات (أصدر قانونا تنظيميا فريدا في هذا المجال) عوض الانكباب بالسرعة المطلوبة على استقلال القضاء، وتحديد سلطات الجهاز التنفيذي، واعتماد آليات الحكامة الجيدة، والحريات العامة….. وما زاد الطين بلة, كون الحكومة بادرت هذه الأيام وأصدرت مرسوما سمته «مرسوم الوضع رهن الإشارة» لتمكين الموالين لها من الترقي والتعيين في مناصب المسؤولية في كل الوزارات التي يسيرها حزب العدالة والتنمية.
* اللجوء إلى الضغط على المعارضين بالجناح الدعوي لحزب رئيس الحكومة من خلال إصداره للفتاوى التكفيرية، واستعمال مصطلحات تقليدية شعبوية ك «الحلال/الحرام» حيث كانت عبارة «واش ماشي حرام أن تقبلي أجر يوم بدون عمل « كجواب لوزير العدل عن سؤال إحدى موظفات قطاع العدل عن قرار الاقتطاع أيام الإضراب النقابي.
وأمام هذه الأوضاع التي لا تبشر بالخير، يقول الكاتب الأول، قررنا منذ عقد مؤتمرنا التاسع التحرك بسرعة، وبقوة، وباستمرار، وبنظرة واضحة، في كل الواجهات، والجلوس مع كل الاتحاديين والاتحاديات في كل الجهات الجغرافية لتحقيق المصالحة الداخلية وجمع شمل كل أبناء الأسرة الاتحادية. إن قيادة الاتحاد الاشتراكي الحالية ستبذل كل ما بوسعها من أجل تقوية الحزب كمعارض للحكومة من خلال تجديد هياكله، والتنسيق مع الهيئات الحقوقية والحركات النقابية (الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين،….) لخلق التوازنات المطلوبة على مستوى موازين القوى في المجتمع، وتكسير كل الطابوهات المكبلة للإرادات والطموحات المشروعة للأفراد والجماعات. كما تم إنجاح التفاوض مع الأحزاب التي انبثقت عن الحركة الاتحادية وتم إعلان اندماج كل من الحزب العمالي والحزب الاشتراكي بشكل رسمي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال هذا الشهر. كما أعلنا بنفس الحرص على انفتاحنا للحوار والتفاوض مع باقي الأطياف اليسارية المغربية من أجل إيجاد الصيغ المواتية للتكتل والعمل المشترك. هاجسنا الأساسي في هذا الظرف الحساس هو حماية المكتسبات وتحقيق تراكمات سياسية إيجابية جديدة من خلال النضال في كل الواجهات من أجل ضمان التأويل الديمقراطي لبنود الدستور الجديد، وربط مدلولها الحداثي بالواقع على مستوى الدولة والمجتمع. وأضاف : «كلكم تتبعتم المسيرتين التاريخيتين في كل من الدار البيضاء والرباط، والنجاح الذي حققه إخوانكم في النقاية الوطنية للتعليم العالي في مؤتمرهم الأخير، وإخوانكم في النقابة الوطنية للتعليم، والنقابة الوطنية للفوسفاطيين، والنقابة الوطنية للصحة،….». كما أخبركم، يقول لشكر : « إضافة إلى تقوية العمل النقابي كأساس لتقوية التواجد والنضال والعمل في الواجهة المجتمعية، نحن حريصون بنفس الحدة على العمل بنفس المنطق والجدية من أجل استكمال هيكلة القطاعات الحزبية. وفي هذه النقطة بالذات أشيد باللقاء الأخير بالمقر المركزي للحزب الذي حضره أكثر من 300 فوسفاطي لتأسيس قطاعهم الحزبي. كما أشيد بالمجهودات التي يقوم بها الشباب الحزبي من أجل تنظيم مؤتمرهم في شهر شتنبر، وبما يقوم به القطاع النسائي من مجهودات موازية للنهوض بأوضاع النساء،….. وبخصوص خلق دينامية جديدة على مستوى الأجهزة الترابية، أكد الكاتب الأول استعداد المكتب السياسي على مواكبة المجهودات الترابية ماديا ولوجيستيكيا على أساس تعاقد برنامجي تكون فيه مساهمة الأجهزة الترابية أساس الدعم الحزبي المركزي لها. كما دعا المناضلين إلى غزو عالم التكنولوجيات الحديثة المتطورة ومواكبة الثورة الرقمية انطلاقا من المقرات وفضاء الأنترنيت، وتحقيق السبق الإعلامي والإخباري على مستوى الشبكة العنكبوتية الاجتماعية والمواقع الالكترونية المعروفة.

جبهة الحداثة
وبخصوص خلق جبهة حداثية وطنية، أعرب الكاتب الأول من خلال لقاء القنيطرة، وبنبرة حماسية وانفعالية صادقة، عن اعتزازه وتأثره الإيجابي العميق بمبادرة خلق فيدرالية الأحزاب اليسارية الثلاثة : حزب الطليعة الديمقراطي، حزب المؤتمر الاتحادي وحزب الاشتراكي الموحد، حيث جاء في كلامه بالضبط :» أقول لبنعمر والعزير ومنيب أننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سعداء وفخورون بإعلانكم الرسمي الالتئام في فيدرالية، وأن هذا الشكل التكتلي الذي أسستموه نرى فيه أنه سيسهل علينا عملية التنسيق فيما بيننا لخلق جبهة للدفاع على المكتسبات وتحقيق المزيد من التراكمات السياسية في مجال الديمقراطية والحداثة والتقدمية».
ومن خلال رده على تدخلات المناضلين، ختم الكاتب الأول كلامه بالعبارات التالية:
* أطالب كل المناضلين في الأقاليم الثلاثة (سيدي سليمان، القنيطرة وسيدي قاسم) أن يضعوا هذا الاجتماع في إطاره. إننا في مرحلة جديدة للبناء المؤسساتي للحزب تفرض علينا جميعا تجاوز ممارسات الماضي، والتوجه إلى المستقبل واضعين أمام أعيننا الأهداف الأساسية التي ركز عليها المؤتمر الوطني التاسع. لقد تجاوزنا مرحلة التداول والتشخيص ودخلنا جميعا مرحلة تصريف القرارات وما تحتاجه من مجهودات اجتهادية. مرجعنا جميعا في التنظيم هو مقررنا التنظيمي الذي أقره المؤتمر.
* العضوية، وبعد نقاشات مستفيضة وغنية، أصبحت اليوم تمر عبر ملء الاستمارة والحصول على البطاقة من الحاسوب المركزي. إن الانتماء إلى الحزب هو انتماء فردي نابع من اقتناع شخصي لمن يريد أن يدخل المدرسة الاتحادية، ولن يسمح بالعودة إلى تشكيل المجموعات الفئوية للضغط كما كان في السابق. كلنا اتحاديون، شبابنا ونساؤنا وكهولنا ونقابيونا وتجارنا وحرفيونا وأطباؤنا ومحامونا وفلاحونا….لهم نفس الحقوق في العضوية وفي الممارسة النضالية وفي «التنخيب» الحزبي، وأن التدخلات داخل الحزب هي تدخلات فردية ولا تخضع لمنطق «الحلقيات» والجماعات المنغلقة. فالمسؤولية قرار للأجهزة، وبطاقة العضوية حجة على الانتماء، وباب الالتحاق بالحزب مفتوح.
* لقد حان الوقت لتجاوز النظرة التقليدية التي كونها البعض عن دور المقرات الحزبية ومسؤولية قيادتها. المقرات يجب أن تتحول اليوم وعلى الفور إلى فضاءات لعمل القرب يزورها محامونا بشكل دوري لتقديم الاستشارات للمواطنين الضعفاء، وأطباؤنا لتقديم الاستشارات والنصائح الطبية للمعوزين، وأساتذتنا من أجل تقديم دروس الدعم لتلامذة العائلات الفقيرة…..إلخ.
* الحرص على عدم تكرار أخطاء الماضي التي تراكمت منذ 2003، وأن الوقت قد حان لتطبيق الضوابط الضرورية لتحقيق العودة إلى المجتمع.
* الاتحاديون حداثيون بعقليتهم وفي أسلوب حياتهم وفي ممارساتهم النضالية اليومية وعليهم اكتساح عالم التكنولوجيات الرقمية، ولا مجال في الاتحاد للاعتبارات الفئوية كيف ما كان نوعها والنزعات القبلية والعشائرية الضيقة، بل كان حزب الاتحاد دائما فضاء مفتوحا لإشراك كل قواه في مواجهة تحديات الحاضر ورهانات المستقبل والنضال من أجل مشروع مجتمعي واضح المعالم.

6/19/2013

‫شاهد أيضًا‬

بيـــان المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش): يرفض الزيادة الهزيلة في الأجور التي اقترحتها الحكومة على المركزيات النقابية، ويشجب بأقصى عبارات الاستنكار الإجهاز الممنهج على مجانية التعليم العمومي من خلال القانون الإطار

  تدارس المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل في اجت…