يبدو السؤال غريبا، من فرط بداهته، ومع ذلك نحن مضطرون إلى طرحه، بعد أن ساد لغط كبير، وعلا تشويش مقصود، على حقوق الاتحاديين السياسية والإعلامية، في أن تصل مواقفهم كما هي، إلى الرأي العام الوطني، بعيدا عن طبقات سميكة من التغليط المقصود !
للاتحاديين الحق في الدفاع عن حزبهم، طبعا.. كما من حق كل مناضلي الأحزاب الأخرى أن يدافعوا عن مواقف تنظيماتهم. وهذه الفكرة المبدئية والبديهية، يبدو أن كثيرين يفصلهم عنها .. تقوقعهم الحزبي، فلا يرون إلا مصالح حزبهم وما عداها يعتبر ردة أو تعطيلا للسياسة، أو انحيازا مشبوها..
والاتحاديون، يسلمون بأن من حق الحزب الذي يشكل الحكومة، أن يختار الأسلوب الذي يليق به في التفاوض، ومن حقه أن يختارالموقع الذي يريده، والذي يعطيه القوة التفاوضية الكاملة،أو على الأقل المناسبة، لكي يختار الأحزاب التي تشكل معه الهندسة الحكومية.
وهنا نصل إلى العبارة المفتاح: الهندسة الحكومية، في النهاية هي إحدى أدوات صناعة الأغلبية، وليس العكس.
وهنا من حق الاتحاد أن يقدم تصوره لهذه الهندسة، سواء في تركيبتها الحزبية، أو في ترتيب القطاعات المشكلة للحكومة، أو في شروط إنجاح البرنامج الذي ستتكفل الهندسة الحكومية بإخراجه وتنزيله على أرض الواقع.
وهو الشيء الذي يعطي سببا آخر للاتحاديين في أن يدافعوا عما قد يطلب منهم تنفيذه ضمن التركيبة الشاملة للحكومة.
ومن حق الاتحاديين أن يتموقعوا فيما يجعلهم رقما غير قابل للصرف والتصرف في هذه الهندسة، و بل من حقهم، أن يرددوا لمفاوضيهم أنهم يريدون الحديث من موقع مريح، كما هو كل تفاوض جدي.. موقع يرددون باستمرار أنه مستقل، بناه الاتحاد بتاريخه في المعارضة ،كما بناه في تاريخه في تدبير المفاوضات.
وإذا كان من المعقول أن يقوم الحزب المكلف بتشكيل الحكومة بالتفكير في شركائه، بل أحيانا استحضار مطالبهم، فسيكون من غير المعقول، أنلا يُطْلب من الأحزاب التي ستشارك، ألا تطلع على أفكار الحزب المكلف!
ومن حق الاتحاديين أن يستغربوا: ما الذي ورد في الخطاب الملكي السامي من دكار، حول الأسبقيات الحكومية، وحول الهندسة الحكومية، والبرامج الحكومية، لم يرد في بيان اللجنة الإدارية أو بلاغات المكتب السياسي قبله؟
ولهم أن يجيبوا: لقد كان الخطاب بوصلة، كما أنه جاء ليريح الاتحاد في ما اختاره من مواقف..
ولعل التوجيه كان واضحا، وكان ينتظر التفعيل من طرف المسؤول المكلف من طرف جلالته بالدرجة الأولى.
ليس من عادة الاتحاديين إقحام جلالة الملك في نقاش يريدون أن يعطيهم الحق في ما ذهبوا إليه، لكن اللحظة التي نعيشها، هي لحظة نابعة من التصويت الشعبي، ثم من التكليف الملكي..
ولهذا لا يمكن للاتحاديين إلا أن يجمعوا في تحليلهم بين الأمرين: فقد أعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أنه سييسر تشكيل الحكومة ، بناء على ما أفرزته صناديق الاقتراع، كما أعلن التزامه بالتكليف الملكي للسيد رئيس الحكومة وبمضامين الخطاب التاريخي من داكار.
والآن ؟
ولهذا لم يتردد الاتحاد في التجاوب مع دعوة السيد الرئيس عندما دعاه،كما أن لجنته الإدارية الوطنية كلفت القيادة بتدبير القرار، ومن حق الاتحاد ككل حزب آخر، أن يدخل المفاوضات من بوابة بناء الثقة الضرورية في التفاوض، وفي مآلاته! ولهذا لا يمكن إلا أن يستغرب الاتحاديون العديد من المساعي التي تريد منهم أن يتحملوا وزر شيء ليسوا مكلفين به ، ولا هم مسؤولون عنه،(البلوكاج) وكل ما في الأمر أن قيادة الاتحاد تتعامل بما تعتبره منطقيا في كل عمل سياسي يفضي إلى تشكيل حكومة لخدمة المغرب والمغاربة.