من بين التحديات الجديدة التي أصبحت مطروحة على الفكر السياسي، بالمغرب، الدور الكبير الذي أخذت تلعبه الوسائط الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، التي تسير في اتجاه تهميش الصحافة الورقية والقنوات التلفزية ومحطات الإذاعة، حيث تبيّن أن للفضاء الرقمي، هيمنة على جزء هام من الرأي العام، لعدة أسباب، أولها، المجانية، وثانيها سرعة الانتشار، وثالثها التفاعل الآني والتلقائي والعاطفي، غير المدروس، في الكثير من الأحيان، وبدون وقت كاف للتأمل والتفكير…

مثال ذلك، ما يدور بخصوص تشكيل الأغلبية، حيث هيمنت على الرأي العام، مناوشات وتصريحات سطحية وتبريرات، أصبحت تروج كما لو كانت حقيقية، بل لقد صدّقها حتى بعض السياسيين و»المحللين»، دون أن تخضع لنقاش مفصل، وتداول واسع، وتفكير عميق.

فشعار «الإصلاح»، لا يمكن لأي ديمقراطي إلا أن يتجاوب معه، غير أن برنامج هذا الشعار، وأساليب وطرق تنفيذه، لم تتوضح نهائيا، وقد يتحول إلى مجرد شعار فارغ، كما حصل مع موضوع «محاربة الفساد»، إذا لم تتوفر له الأدوات والوسائل والتصورات والتدابير السياسية والاقتصادية والقانونية، في إطار مشروع متكامل، يتم الإعلان عنه بكل وضوح وشفافية.

من حق الرأي العام أن يعرف برنامج هذا الإصلاح وضد من سيكون؟ أي من هي القوى التي تقف وراء عرقلته؟ هل سيتم تحديد هويتها بكل دقة ووضوح، ويتم كشف ممثليها سواء كانوا أشخاصا أو أحزابا؟ ثم من حق الرأي العام أن يعرف هل كانت هذه القوى، التي تُتّهم اليوم، بعرقلة الإصلاح، في الأغلبية أم في المعارضة؟ وإذا كانت هذه القوى شكلت جزءا من الأغلبية السابقة، فهل تصدى لها حزب العدالة والتنمية؟

مثل هذه التساؤلات المطروحة لدى الرأي العام، كان من الضروري أن تجد صداها في وسائل الإعلام، في نقاش عميق وعمل مهني جدي، خاصة من طرف وسائل الإعلام العمومية، التي من واجبها تقديم خدمة جدية للمواطن وحقه في الخبر وفي التحليل الموضوعي، في إطار دورها وصلاحياتها كمرفق عام.

هذا ما ينبغي أن يعاب عليها، وليس مسألة تغطية رسمية لنشاط رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران، في فعاليات قمة المناخ بمراكش. الرأي العام يتوق لمعرفة البرنامج الإصلاحي الجديد للعدالة والتنمية، وكيف تمت مناقشته مع الأحزاب التي يمكن أن تشكل الأغلبية، وماهي خلاصات هذا النقاش؟ الاطلاع على كل هذا، عبر وسائل الإعلام العمومية والخاصة، وكل الوسائط، على اختلافها، هو ما سيساهم في الارتقاء بالجدل السياسي.

بالفصيح

   الاربعاء 23 نونبر 2016.

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…