من بين أهم الأولويات، التي تفرض نفسها على أي حكومة يمكن أن تتشكل، موضوعُ المعركة الكبرى، التي يخوضها المغرب، في ملف الصحراء، حيث تتخذ هذه القضية أبعادا استثنائية على ضوء التطورات التي تعرفها، والتي تتميز بعنصرين أساسيين: أولهما، الدور الذي يلعبه –حاليا- الاتحاد الإفريقي، وثانيهما، المحيط الإقليمي للمغرب. وكلاهما مترابطان.
فالاتحاد الإفريقي، رغم نقائصه، تحول إلى منظمة قارية، لها وزنها في المنتظم الدولي، ولا يمكن للمغرب، الذي يلعب أدوارا كبيرة في إفريقيا، على المستويات الاقتصادية والثقافية والديبلوماسية، أن يتجاهل هذا الواقع. لذلك، انتهج خطة جريئة، يقودها جلالة الملك، محمد السادس، شخصيا، لإعادة الأمور إلى نصابها، في هذه المنظمة.
العنصر الثاني، الذي يلقي بظلاله على هذا الوضع، هو ما يحصل من تطورات في الوضع الإقليمي، الذي يعيش حالة اِنحلال تتزايد باستمرار، ابتداءً من ليبيا، مرورا بموريتانيا وتونس وانتهاءً بالجزائر، حيث وصل هذا البلد الشقيق، إلى وضع يشبه الانهيار، بكل تبعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
غير أن أخطر ما يمكن أن يحصل في أي نظام يحتضر، هو لجوءه إلى خطوات يائسة، ذات طبيعة اِنتحارية، أي تصعيدية. وعليه، وجب الحذر من الطغمة العسكرية، التي تحكم هذا البلد الجار، والتي يمكن أن تتخذ مبادرات خطيرة، هي من صميم حالات الانحدار.
أي خطة لتشكيل حكومة مقبلة، ستكون أمام هذه التحديات، وهذه الرهانات، لأن معركة الدفاع عن الوحدة الترابية، لا محيد عنها، ولايمكن أن تتوارى خلف أي اعتبارات إيديولوجية أو سياسية أو تاكتيكية، لأنها أم المعارك.
إنها كذلك، لأنها تتجاوز جميع الحسابات العددية الانتخابية. فهي معركة المغاربة قاطبة، تتجاوز كل الأحزاب وكل الرهانات الضيقة. ومن المفترض أن من يفكر، اليوم، في تشكيل أغلبية، أن ياخذ هذه القضية بعين الاعتبار، لأنها ستفرض نفسها، بقوة، على كافة السياسات وعلى سائر التوجهات.
وسيكون من قبِيل العبث، أن يتم تجاهل هذا التحدي، الذي يقوده الملك، بنفسه، لأن أي تخطيط، خارج هذا المعطى، وأي تشكيلة حكومية، لا ترافق ولا تواكب هذه الإكراهات، وتبحث عن المكونات القادرة على تدبيرها، سيكونان خارج الرهانات الحقيقية للشعب المغربي.