أكد الأستاذ مصطفى المتوكل، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في تصريح لـ “أنفاس بريس” أن نظام الاقتراع باللوائح الانتخابية “لن يفرز أغلبية قانونية لأي حزب كان لتشكيل حكومة”، ردا على خطاب بنكيران الذي يدعي أنه يمثل الشعب المغربي من خلال نتائج استحقاقات 7 أكتوبر التشريعية. ويرى المتوكل أن “التحالفات المنطقية يجب أن تبنى على المرجعيات السياسية “. وعن أسباب تعثر المشاورات الحكومية عزى عضو المكتب السياسي لحزب الوردة ذلك إلى “صورة العمل الحكومي التي تقدم على أنها من صميم عمل حزب رئيس الحكومة، إضافة إلى الخلافات والاشكالات والتناقضات التي تظهر بين مكونات الأغلبية السابقة في علاقتها برئيس الحكومة من جهة والآلة الإعلامية لكتائب المصباح وتصريحات بعض قيادييه”. وفيما يلي نص التصريح:
(( …اعتماد نظام اللوائح للانتخابات بطبعه يفرز في الأغلبية الساحقة من الحالات نتائج لا يملك بموجبها أي حزب الأغلبية القانونية لتشكيل الحكومة ليس فقط منفردا، بل قد يحتاج لحزبين أو أكثر لتكون مريحة كما هو الحال عندنا. والحديث عن تصدر أحد الأحزاب بحصده لمقاعد أكبر من الآخرين مسالة نسبية لا تجعله محقا عندما يقول أنه يمثل الغالبية من الشعب، بل فقط جزءا من المشاركين في الانتخابات أي 6 ملايين من 16 ومع قرابة 10 ملايين من المغاربة غير مسجلين باللوائح. ومن هنا فموضوع التحالفات المنطقية يتطلب أن تتحالف الأحزاب المتقاربة في المرجعيات والسياسي، كما يتطلب أن البرنامج الحكومي الذي سيعتمد عند تقديم الحكومة لنفسها للحصول على ثقة البرلمان يجب أن يكون مشتركا بين الأحزاب ومتكاملا تعلق الأمر بالحقائب الوزارية أو بالسياسات العامة أو القطاعية للحكومة أو إدارة سياسات العلاقات بما فيها الخارجية وكذا فلسفة تدبير وقضاء مصالح المواطنين والدولة.
فمن بين أسباب التأخر أن اعتبرنا هذا تأخرا، والحال أن بعض الدول الأوروبية تعطلت فيها وتأخرت لشهور تشكيل وتنصيب الحكومات، طريقة تدبير الحكومة المنتهية ولايتها علاقاتها مع حلفائها في الحكومة السابقة حيث أحسوا بأنهم في وضع غير مريح، وأنهم من تضرر، وأنهم يشتغلون في هامش يطغى عليه حضور وتحرك وتدخل رئيس الحكومة، كما أن صورة العمل الحكومي تقدم على أنها من صميم عمل حزب رئيس الحكومة، إضافة إلى الخلافات والاشكالات والتناقضات التي تظهر بين مكونات الأغلبية السابقة في علاقتها برئيس الحكومة من جهة والآلة الإعلامية لحزبه وتصريحات بعض قيادييه، كما أن بعض تصريحات رئيس الحكومة تتضمن العديد من المواقف التي تستفز حلفاءه السابقين والمفترضين تجعل موضوع التواصل يحتاج إلى وقت لتصحيح وتغيير المواقف لطمأنة المعنيين .
من المؤكد أن كل الأحزاب التي شاركت في الحكومة السابقة ستضع جملة من الشروط لتجنب ما كانت تشتكي منه سابقا، كما أنها ستسعى إلى أن يكون تواجدها سياسيا وفي القطاعات الاستراتيجية والأساسية، وليس فقط الحصول على حقائب رمزية أو ملحقة، أو منتدبة لفائدة وزارة أخرى، كما أنها تتحفظ من الخلط بين العمل الحكومي والعمل المنحاز للحزب والذي يستثمر نتائج العمل الحكومي الإيجابية للحزب مع التبرؤ من السلبيات .
إن المشهد السياسي الطبيعي للأحزاب المغربية وخاصة اليمينية، أو الليبرالية والتي كان يطلق عليها الإدارية، أو الموالية لها، هي التي تشكل أغلبية الناخبين المصوتين إن اجتمعت، لهذا يحدث هذا التجاذب في المواقف من أجل أن تكسب الأحزاب اليمينية التي سيتواجد جزء منها بالحكومة مواقع تطمئن فيها على الأدوار التي ستقوم بها لتنفيذ برامجها وتصوراتها في السياسات العمومية بمرجعيتها.
لقد تمكن رئيس الحكومة من إيجاد حليفين يطمئن لهما ويثق فيهما حسب تعابيره مع وجود فارق تفضيلي بينهما يؤكد عليه باستمرار، ومازال أمامه الوقت لإقناع الأحزاب التي يسعى ويطمئن لالتحاقها بالحكومة لتشكيل أغلبيته بعد أن يقتنع هو بضرورة التوافق معها حول العديد من المسائل تعلق الأمر بعدد المقاعد، أو القطاعات أو البرنامج الحكومي أو ميثاق الأغلبية الحكومية الذي يرتاح له الجميع وتكون نتائجه الإيجابية والسلبية للجميع وعليهم. لهذا أعتقد أنه على رئيس الحكومة، أن يأخذ بعين الاعتبار، أن الذين سيتحالف معهم هم أحزاب سياسية قانونية تشارك في كل الاستحقاقات وتشكل المشهد السياسي الحزبي في علاقاته بالمجتمع وليست فقط مقاعد تتشكل بها أية أغلبية.
فلابد من التوافق والتراضي الموضوعيين لجمع أغلبية متماسكة متكاملة للولاية الجديدة. وما نتمناه هو أن تكون الحكومة المقبلة قادرة على تصحيح بعض سياساتها وقراراتها ومراجعة عدة قوانين والتي تضررت منها الطبقات الفقيرة والطبقة المتوسطة، وأن تتفق على برنامج واضح ينقد التعليم العمومي من أزمته الخانقة ويعيد إليه وهجه ودوره الوطني الكبير في بناء أجيال قوية ومسلحة بالمعارف، وأن تفتح آفاقا جادة لتشغيل الشباب والحد من تضخم البطالة بما فيها التي تطال الخريجين، وأن تطور الخدمات الصحية والاستشفائية بما يحقق الصحة للجميع بعيدا عن التدبير الحالي لهذا القطاع الحيوي وأن تطبق فلسفة ومبادئ الدستور تجاه الحريات والحقوق والامازيغية والجهوية.. أي أن تجيب الحكومة وتحقق انتظارات الشعب وليس انتظارات وتوجيهات صندوق النقد الدولي.
إن إضفاء صبغة دينية على العمل السياسي هو أسلوب يعتمد لتسهيل تبرير وتمرير مواقف وقرارات مختلفة حتى يتقبلها جزء من الرأي العام، ولو كانت ضد مصالحه، أو تمس بمكتسباته ومستوى عيشه ولإضفاء شرعية أخلاقية على ممارسات وإجراءات حكومية كانت مرفوضة من السياسيين والنقابيين والحقوقيين طوال عقود وقدمت تضحيات جسام من أجل منع تنفيذها.
وأختم بأن الخلط والغموض في المشهد السياسي والحزبي والمشهد الحكومي يعطل ويؤخر خطواتنا لبناء دولة الحق والقانون بما يطمئن ويرضي الشعب المغربي)).
- عن أنفاس بريس : التقاه: أحمد فردوس
- الاربعاء 16 نونبر 2016.