بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، علاقات عريقة،وملفات مشتركة،تشمل مجالات عدةً، سياسية.. واقتصادية بالأساس. وقد نسجت الرباط وواشنطن جسورا من التعاون، تمخضت عنها اتفاقيات وآليات للتنسيق والتشاور. كما حرص البلدان على صياغة رؤى مشتركة للعديد من القضايا الدولية والإقليمية، خاصة على المستويين العربي والإفريقي.
اليوم، وبعد أن انتخب الشعب الأمريكي رئيسا جديدا لبلاده، هو السيد دونالد ترامب، من المؤكد أن طاقما جديدا من السياسيين والإداريين والمستشارين، سيلتحق بالبيت الأبيض، لبلورة الالتزامات التي قطعها على نفسه الرئيس ال 45 لأمريكا، ولصياغة التوجهات في السياسة الداخلية والخارجية. وسيتم تعيين دبلوماسيين بالأمم المتحدة، وبالعديد من العواصم،لإعمال السياسة الجديدة، لإحدى أهم القوى العظمى في العالم ، فما مدى تأثير هذه الديناميكية الجديدة على ملفات المغرب وقضاياه، ومن أبرزها قضية الصحراء والاتفاقيات الثنائية، أو تلك التي تؤطر الشراكة مع المنطقة المغاربية أو ذات العلاقة بالمجال العسكري؟؟؟
إن على المغرب الحريص على مصالحه، أن يبذل جهودا دبلوماسية، لشرح، وتوضيح، طبيعة ملفاته وخلفياتها،وأبرز محطات تطوراتها. فالرئيس الجديد للولايات المتحدة،لم تفرزه دواليب الإدارة الأمريكية، ولم تنتجه مؤسساتها الرئيسية، خاصة الكونغرس، الذي يتم به التداول في العلاقات الدولية، وبؤر صراعاتها، ورهاناتها، واتخاذ القرارات بشأنها . إن دونالد ترامب، جاء من حقل المشاريع التجارية، وعالم المال، يحمل معه وعودا للشعب الأمريكي، بإعادة ضخ حياة جديدة في الدورة الاقتصادية، لتنتعش مناصب الشغل، وتنفتح آفاق جديدة، للمبادرة الحرة . وهو بالتالي – واتضح ذلك من خلال حملته الانتخابية ومساره المهني – ليس على دراية كافية وإحاطة واسعة بالقضايا الدولية، والإقليمية، وتعقيداتها. وعليه، سيكون محيطه، وأطقمه، التي ستتكفل بالملفات، ذات تأثير على السياسة الجديدة والقرارات، التي سيتم الحسم بشأنها. من هنا، على الرباط أن تعبّئ دبلوماسيتها جيدا، خاصة في واشنطن، ونيويورك، كي ترافع بنجاعة، وتستعرض بفعالية ملفاتها، ومن أبرزها -طبعا- قضيةُ الصحراء، التي عرفت -خلال الأربع سنين الأخيرة- مقاربات جديدةً للسياسة الأمريكية، تنحاز في جوانب منها، لخصوم وحدة المغرب الترابية.
وفي هذا المضمار، لامناصّ من تسجيل أهمية مضمون التهنئة،التي وجهها جلالة الملك إلى الرئيس الأمريكي الجديد، بمناسبة انتخابه، حيث عبر عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع بلدين عريقين ، وتأكيده الحرص القوي على العمل سويا ، « من أجل استثمار أنجعَ، وتفعيل أمثلَ للشراكة الاستراتيجية، التي تؤلف بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وتدعيم سبل الحوار، والتنسيق والتشاور بينهما حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما المتعلقة بالتحديات المتزايدة، التي تواجه الأمن والسلم الدوليين، وفي مقدمتها التصدي لكافة أشكال التطرف والعنف والإرهاب، والإسهام في إيجاد حلول سلمية، ومنصفة لمختلف النزاعات وبؤر التوتر في العالم «.
إن قضيتنا الوطنية ستدخل مرحلة حساسة جدا، تقتضي مضاعفة الجهود الدبلوماسية، لتثبيت حق المغرب التاريخي، في صيانة وحدته الترابية،ثم تعزيز هذه الجهود، بترسيخ الديمقراطية، وتشييد مؤسسات دستورية متينة، وإقرار تنمية منتجة، بشريا ، اقتصاديا واجتماعيا. وتلك لهي الرهانات الحقيقية، التي من شأنها تحصينُ المغرب الموحد .