من المفيد متابعة ردود الفعل، العربية والدولية، بخصوص اِنتخاب الجمهوري، دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصف الأمر بالزلزال أو الكارثة، ولم يُخف بعض رؤساء الدول، في أوروبا، خاصة، قلقهم، من هذه النتيجة.
وما يمكن تسجيله في مختلف ردود الفعل، وتعليقات وسائل الإعلام والمحللين، هو الارتباك في قراءتهم لهذه النتيجة، وللتغيرات التي يمكن أن يؤدي إليها فوز ترامب، في خريطة التوازنات الدولية والإقليمية، بينما تحسر البعض على فشل هيلاري كلينتون. وهناك من وصفها، بأنها كانت تساند الديمقراطية في العالم العربي، بينما يجهل موقف ترامب من هذه المسألة.
فما هي الديمقراطية التي ساندتها هيلاري كلينتون وإدارة أوباما، في العالم العربي؟
تدخلت هذه الإدارة في سوريا لمساندة ما يسمى بالمعارضة المسلحة، والتي هي في أغلبها، تنظيمات خرجت من «القاعدة»، التي هي عبارة عن منظمة إرهابية، لا تؤمن لا بالديمقراطية، ولا بحقوق الإنسان ولا بحرية التعبير… وتحت مظلة هذه الإدارة تم زرع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروفة ب»داعش»، وفي نفس هذا التوجه الكارثي، بالنسبة لشعوب العالم العربي، نُقلت هذه التجربة الإجرامية، إلى ليبيا. و في هذه البلدان الثلاثة، لم يعش مواطنوها، من «ديمقراطية» هيلاري كلينتون إلا الذبح والحرق وقطع الرؤوس وسبي النساء… وغيرها من الفظائع والممارسات الوحشية.
في بلدان عربية أخرى، شجعت وساندت هذه الإدارة كل التنظيمات الدينية/السياسية، ليس لأنها تعشق الديمقراطية، بل لأنها تريد فرض وصاية على شعوب ودول هذه البلدان، وترسم لها الطريق الذي ينبغي أن تسلكه، طبقا لمخطط صانعي الخرائط، في واشنطن.
مسؤولو عدد من البلدان الأوروبية، الذين عبروا عن أسفهم لعدم فوز هيلاري كلينتون، مثل فرنسا، هم شركاء للإدارة الديمقراطية الأمريكية، في ما اقترفته في سوريا وليبيا، وفي تواطئها مع ما يحصل من سياسات إمبريالية، في عدد من مناطق العالم.
لذلك، فإن صعود اليمين واليسار، المتطرفين، ليس سوى رد فعل، على عدم وضوح توجهات الأحزاب الليبرالية والاشتراكية، الأوروبية، في القضايا الأساسية، سواء في السياسات الداخلية أو الخارجية.
الآن وصل إلى البيت الأبيض، مرشح غير كلاسيكي، من المؤكد أنه لن يحدث ثورة في سياسية واشنطن، التي تصنعها المؤسسات، لكنه سيزعج الذين اِنحازوا بشكل واضح، للخطط التي أشرفت عليها إدارة أوباما، ونفذتها هيلاري كلينتون، التي كانت أبعد ما تكون عن الديمقراطية.