من المؤكد أن هناك الكثير من الناس، في العالم العربي، وفي المغرب، من يترقب نتائج الانتخابات الأمريكية، متطلعا إلى ما يمكن أن تحمله من تغييرات، بالنسبة للموقف من الأوضاع العربية، كما ينتظر العديد من المتتبعين المغاربة، إمكانية أن تحدث تطورات إيجابية، بالنسبة لقضية الوحدة الترابية المغربية، في ضوء هذه النتائج.
غير أن قراءة في مواقف الإدارة الأمريكية، سواء الجمهورية أو الديمقراطية، تبين أن التغيير في المواقف الاستراتيجية الأمريكية، طفيف جدا، حيث لا تتأثر، تقريبا، بالتغييرات التي تحصل نتيجة التناوب بين الحزبين، على رئاسة البيت الأبيض.
لنأخذ مثلا، الفترة الممتدة بين رئاسة الجمهوري، جورج بوش الأب، أي بين 1989 و 1993، و هي الفترة التي أشرف فيها على حصار العراق، سنة 1990، الذي استمر مدة 13 سنة، شهدت فيها تغيير الرئاسة، من الجمهوريين، إلى الديمقراطيين، حيث قضى بيل كلينتون، مدة ثماني سنوات في البيت الأبيض، من 1993 إلى 2001 ، ليواصل نفس النهج تجاه العراق، إلى أن وصل إلى الحكم جمهوري آخر، هو جورج بوش الإبن، الذي قام بغزو العراق واحتلاله وتمزيقه، مستعينا بمسؤولين من أصول إِفريقية، هما كولن باول وكوندوليزا رايس، ثم تناوب على هذه المهمة القذرة، ديمقراطي، من أصل إفريقي، هو الرئيس الديمقراطي، باراك أوباما، الذي أكمل المهمة التي بدأها بوش، بشكل آخر، ليس في العراق، فحسب، بل في سوريا وبلدان عربية أخرى، وصلت إلى حد التقسيم والتمزيق وافتعال الحروب الأهلية وتشجيع الجماعات المتطرفة وما سمي بالإسلام السياسي.
هذا فيما يتعلق بالبلدان العربية، أما بالنسبة للوحدة الترابية للمغرب، فنفس المنهج يمكن تطبيقه على الموقف الأمريكي، إذ أن الثابت هو مواصلة الضغط والابتزاز، عن طريق إدامة هذا النزاع المفتعل، أما المتحول، فهو الإدلاء ببعض التصريحات، من طرف المسؤولين الأمريكيين، لإرضاء المغرب، دون أن يكون لذلك أي تبعات حقيقية، في حسم الوضع وإنهائه.
بخصوص القضية الفلسطينية، فدعم الكيان الصهيوني، أمر لا يتزعزع في العقيدة الأمريكية، سواء كان رئيس البيت الأبيض جمهوريا أو ديمقراطيا.
لذلك فالأمر سيان، سواء بعد فوز دونالد ترامب، فإن هناك أهدافا استراتيجية تتجاوزهما، ترسمها مؤسسات عسكرية ومخابراتية ومالية وصناعية وإعلامية، عليهما الخضوع لها، وتصريف مواقفهما، كل بأسلوبه الخاص.
من المؤكد أن هناك ترقبا، من طرف المتتبعين ومختلف القوى الدولية والإقليمية، للخطوات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة، لأن مواقف ترامب تتسم بالغرابة والاختلاف، تجاه العقيدة السياسية الكلاسيكية لبلده، لكن رغم ذلك فصُناع السياسة الأمريكية هي المؤسسات، وليس الأشخاص.
الخميس 10 نونبر 2016.