خصص جلالة الملك خطابه لسنة 2013 في منتصف الولاية التشريعية للتنبيه إلى أعطاب الإدارة المغربية ، وأمر بالاهتمام بأعطابها ، لكن الإدارة ظلت عصية عن التطويع الإرادي والتماشي مع المفهوم الجديد للسلطة كنمط تدبيري ديمقراطي يقطع مع التسلط، ويسير في اتجاه إعمال القوانين، وجعل المواطن صلب اهتمام الإدارة .
عاد جلالة الملك إلى انتقاد الإدارة في مناسبة هامة قبل أسبوعين، عند افتتاح البرلمان المغربي في 14 اكتوبر المنقضي، حيث قال إن الإدارة المغربية تعاني “من التضخم، ومن قلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين، وتعاني –بالأساس- من ثقافة قديمة لدى أغلبية المغاربة. فهي تشكل بالنسبة للعديد منهم مخبأ يضمن لهم راتبا شهريا دون محاسبة على المردود الذي يقدمونه”.
وأردف جلالته «إن إصلاح الإدارة، يتطلب تغيير السلوكات، والعقليات، وجودة التشريعات، من أجل مرفق إداري عمومي فعال في خدمة المواطن»
ونبّه الخطاب إلى أن «الصعوبات التي تواجه المواطن في علاقته بالإدارة ،كثيرة ومتعددة ، تبتدئ من الاستقبال مرورا بالتواصل إلى معالجة الملفات والوثائق».
ما حدا بنا للتذكير بالخطب الملكية في شأن إصلاح الإدارة، هو فاجعة مقتل مواطن في حاوية للازبال. ورغم أن التحقيقات جارية، فمسؤولية الإدارة، اكبر من مجرد سبب مقتل المواطن محسن فكري، لأن الحالة، تؤكد أن دواليب الإدارة لا تسير بالسرعة المطلوبة، وهي إدارة عاشت بمنطق رهيب منذ سنوات كثيرة، وكانت لها روح الحِجْر على المواطن، والإمعان في إذلاله وتحقيره ، وهي الرؤية المؤسسة والمبنية على التخويف والترويع، وفي المقابل، كانت للإدارة القدرة على الإفلات من المحاسبة، بل الإفلات كان حصانة ممنوحة على بياض للإدارة بمختلف تمظهراتها، وبعض الاداريين مازالوا يعيشون على الماضي الذي أقبر للأبد ولا يصدقون أن البلد، قد تغير مما يعني أن معركة الإدارة تحتاج إلى نَفَس آخر، وتوجه جديد، ولا يمكن أن ننسى يوم تجبّر العمال والولاة وطغواعلى وزيرهم الأول ولاذوا بالصمت .. هذه الإدارة اليوم مطالبة بالحديث، والشفافية، وتطبيق القانون، في كافة المجالات، لأن الإدارة تبقى رافعة للتقدم والتطور في كافة مناحي الحياة العامة، وهي الوقت نفسه بشر معرّض للخطـ ومطالب بالمحاسبة، وتحمل المسؤولية، والحفاظ على التراكم الذي تحقق. وتظل مصلحة المواطن أولا وأخيرا صلب وجود الإدارة .