كشف تقرير حديث خطورة الوضع الغذائي بالمغرب، حيث وضع المغرب في الرتبة 42 عالميا، والسادسة على مستوى دول شمال إفريقيا، كما سجل أن أزيد من 4 في المئة من المغاربة يعانون من انتشار سوء التغذية.
التقرير، اعتمد كمعايير للدراسة، نسبة السكان، ودرجة الهزال لدى الأطفال دون سن الخامسة، فضلا عن نسبة انتشار «التقزم»، وكذا وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وقد شمل هذا التقرير 181 دولة.
إن التصنيف الذي يضعنا فيه هذا التقرير، يجعلنا نتساءل مجددا عن أي تنمية أو برامج مستقبلية تنهش محاربتنا للجوع، كما يطرح علينا إشكالية الأمن الغذائي، خاصة أن كافة الشروط متوفرة، إذ هناك ملايين الهكتارات الصالحة للزراعة أو القابلة للاستصلاح، وإمكانيات هائلة من الفوسفاط ومستخرجاته التي تهم النهوض بالقطاع الفلاحي دون أن نخرج من حساباتنا 3500 كلمتر من الشواطئ التي تتوفر على ثروة سمكية هائلة.
فهذه كلها إمكانيات تقتضي إعادة النظر في مستقبل البلد، لأنه من العار اليوم، أن يوجد مواطنون مغاربة يعانون من سوء التغذية، في حين أننا نتوفر على ثروة حقيقية في المجال الفلاحي. فمهما تقدمنا في الصناعة والسياحة وغيرها، يبقى المناخ المغربي فلاحيا بامتياز، ويجب النظر إلى العالم القروي كمنتج للثروة الغذائية، وكحاضن أساسي للأمن الغذائي، والاستقرار الاجتماعي، وذلك بتوفير الإمكانيات المادية والعلمية، لجعل الفلاحة التي نصدر جزءا كبيرا منها موجهة، أولا، للداخل قبل التصدير، لأن المواطن المغربي يستحق أن يستفيد من خيرات بلده، وبعدها يكون للسوق الخارجية جزء من المتاح للتصدير. إن المجتمع المواطن، هو الذي يعمل من أجل تحقيق اكتفائه الذاتي، والاهتمام بالحاجيات اليومية للمواطن، وفي مقدمتها ضمان لقمة عيشه.
لقد كنا ننادي دوما بضرورة وضع مخططات مواطنة، وخاصة في مجال الفلاحة، واليوم أيضا، نقول إنه يجب الرجوع، أكثر من أي وقت مضى، إلى هذه المخططات الزراعية من أجل ضمان الأمن الغذائي بكل ما يعنيه هذا الأمن، لأن الأمر مرتبط بالكرامة الإنسانية، ومرتبط أيضا بالأمن بمفهومه العام، ومرتبط بالاستقرار الاجتماعي، وبما يجعلنا حقا نشعر بأننا جزء من اهتمامات المشرفين على الشأن العام والسياسات العمومية في المجال الغذائي.