تعددت التحليلات والقراءات لنتائج الاقتراع الذي عرفته بلادنا يوم السابع من أكتوبر الحالي، إلى درجة يصعب معها على المتتبع أن يحيط بها كلها. وحسب منطلقات كل قراءة ووجهة نظر كل محلل، تختلف التفسيرات والاستنتاجات والتصورات والسيناريوهات الآنية والمستقبلية.
وبقدر ما تنوعت هذه القراءات والتحليلات، بقدر ما تمايزت من حيث العمق والضحالة ومن حيث الموضوعية والذاتية ومن حيث الحصافة والتهافت، الخ، ناهيك عن “التحاليل” التي تعتمِد المغالطات وتتعمَّد التضليل والتدليس والتلفيق… !
ويمكن اعتبار هذا الأمر شيئا عاديا، مادام يتعلق بمجال ليس حكرا على جهة دون أخرى، وما دامت الوسائل المتاحة (وسائط الاتصال والتواصل) تسمح بذلك. فالموضوع يخوض فيه المحلل السياسي والإعلامي والأكاديمي؛ كما يخوض فيه الفاعل السياسي والفاعل الجمعوي والمتتبع الهاوي والقارئ العادي، الخ. ومن بين هؤلاء تجد من هو متحيزا لهذه الجهة أو تلك ومن يكتب تحت الطلب وبمقابل مادي أو عيني أو معنوي ومن يتوخى الموضوعية في كل ما يكتب ومن لا تهمه الموضوعية والنزاهة الفكرية في شيء.
غير أن نسبة الضحالة والعمق في القراءة والتحليل غير مرتبطة بالتصنيف الذي قدمناه للفاعلين المشار إليهم أعلاه. فقد تجد قراءة لمتتبع هاو أعمق من قراءة لمتخصص. فالأمور تبقى، في مجملها، نسبية وحسب المجهود الفردي المبذول في جمع المعطيات وتحليلها. فكم من مقالة لأناس مشهود لهم بمكانتهم العلمية تسقط في السطحية والتبسيطية والاختزالية لدرجة تبعث على الاستغراب. وكم من مقالة لأناس مغمورين، تجد المتعة في قراءتها بفعل عمق تحليلها وأسلوبها السلس والرصين.