*مقالة/ … ردا على بعض مواقف الباحث السوسيولوجي المغربي محمد الناجي، التي يتطاول فيها على الحقيقة التاريخية.
أحرص دوما على قراءة كتابات وحوارات الباحث السوسيولوجي المغربي محمد الناجي (السياسية)، لأنها تجعلني أكتشف، فيها دوما، عنوانا لمعنى “التهافت”. ويكاد الرجل أن يصبح مصابا ب “أعراض عقدة مرضية نفسية” إسمها “البارانو اتحادية”. فهو أصبح يرى أن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية (الحزب والفكرة)، هو المسؤول عن كل أعطاب الوقت والناس. وهو ما منحنا حواره الأخير الصادر بيومية الزميلة “أخبار اليوم” المغربية، في عددها ليوم الجمعة 14 أكتوبر 2016، أن نعيد اكتشافه فيه.
لقد، تفضل الدكتور الأكاديمي، رجل العلم والتحليل الملموس للواقع غير الملموس، بدون مناسبة، لرمي الورد على الحزب الفائز في انتخابات 7 أكتوبر الأخيرة (أي حزب العدالة والتنمية، وهذا من حقه كمواطن مغربي)، مقارنا بينه وبين الإتحاد الإشتراكي، في ما وصفه ب “نظافة اليد”. بل وأصدر حكما جازما، أنه لأول مرة في تاريخ المغرب يتم تجديد الثقة في حكومة كل أعضاءها بقوا نظيفي اليد. وحين أراد أن يقدم مثالا لعدم تحقق ذلك في الحكومات السابقة، كان حزب الإتحاد الإشتراكي طبعا، هو المثال النموذجي للباحث الأكاديمي. بل، إن ما أثار السخرية والشفقة في حالة صاحب أطروحة “العبيد” هو أنه حين قدم الدليل القاطع عن حكمه، لم يجد سوى قضية قضائية وقعت سنة 2012، هي قضية بنك “السياش”، التي تمت فيها متابعة الأخ خالد عليوة، متناسيا أن الرجل عين أصلا في مهمته التسييرية تلك سنة 2009، وأن حكومة اليوسفي التي لم تحترم المنهجية الديمقراطية لمنحها حق إتمام مشروعها الإصلاحي، رغم إعادة منح صناديق الإقتراع لها المرتبة الأولى، قد كان سنة 2002. وهي إعادة الثقة شعبيا لها، عبر التصويت، في أول انتخابات برلمانية الأكثر نزاهة في تاريخ المغرب المستقل (وأقول البرلمانية، لأن أول انتخابات نزيهة فعليا بالمغرب كانت سنة 1960، لكنها انتخابات جماعية وليست برلمانية).
واضح أنه الحول السياسي، الذي هو مصاب به الدكتور محمد الناجي، حين يتعلق الأمر بالإتحاد، ما يجعل المستوى التحليلي عنده ينزل إلى الحضيض وإلى الدرجة الصفر في التحليل. لأنه واضح أن الأمر يشكل عقدة عنده، لأسباب ليست تماما مجهولة، نترفع عن الخوض فيها الآن. لأنه مؤسف، أن الباحث الأكاديمي الرصين، صاحب أطروحة “العبودية بالمغرب في القرن 19″، بدلا من أن يحلق في المستوى الرفيع للتحليل الأكاديمي كما عودنا في عدد من أبحاثه (حتى وإن كان بعضها يثير جدلا معرفيا وثقافيا يسمح بمناقشتها فكريا بدون أدنى أحكام مسبقة وجاهزة)، فإنه حين يتعلق الأمر ب “التحليل السياسي”، فإنه تتحلل عنده الأدوات العلمية فجأة، مثل جثة نتنة. ويتحول من نيتشه وهيغل إلى فقيه من فقهاء القرون الوسطى، ذاك الذي يلوي الحقيقة كي ترضي أوهامه الخاصة، وتبرر أحكامه الجاهزة. مؤسف فعلا.